[وقوع الطلاق المعلق بالشرط المحض عند وجود القرينة]
قال رحمه الله:[ولم تقم قرينة بفور] إذا تلفظ بهذا الكلام، قد تكون هناك قرينة تدل على أنه أراد التعجيل، ولم يرد التأخير، مثلاً: رجل يقول لزوجته: سأطلقك اليوم، فإن لم أطلقك فأنت طالق، فإن قوله: سأطلقك اليوم، هذه جملة وعد فيها بالطلاق، ثم ركب جملة الشرط عليها فقال: فإن لم أطلقك فأنت طالق، ننتظر اليوم، حتى إذا بقي قبل غروب الشمس بقدر ما تطلق فيه المرأة، ولم يطلقها، وقع عليها الطلاق، فحينئذ نقول: الأصل في (إن): أنها تمحضت للشرط، ولا تتعلق بالزمان، كإذا، ومتى، وأي وقت، ونحوها.
وبناءً عليه: إذا كانت متعلقة بمحضية الشرطية ننتظر إلى آخر حياة أسبقهما موتاً على التفصيل الذي ذكرناه، ما لم ينو التعجيل-فهذه حالة تستثنى- أو تقوم قرينة على إرادة التعجيل، كقوله: سأطلقك الساعة، فإن لم أطلقك فأنت طالق، سأطلقك اليوم، فإن لم أطلقك فأنت طالق، سأطلقك هذا الأسبوع، فإن لم أطلقك فأنت طالق، فإن جملة الشرط ركبت على ما قبلها فأصبحت مقيدة، وقامت القرينة على أنه أراد التعجيل، ولم يرد محض الشرطية.
قال رحمه الله:[ولم يطلقها] يعني: حصل الشرط، ننتظر إلى آخر حياة أسبقهما موتاً.
قال رحمه الله:[طلقت في آخر حياة أولهما موتاً] لماذا يقول: آخر حياة أولهما موتاً؟ لأن عندنا في الطلاق: المصدر والمحل، المصدر: هو الزوج، الذي يملك التطليق، والذي خول له الشرع أن يطلق زوجته منجزاً ومعلقاً، يقول: إن لم أطلقك، فالطلاق يقع منه هو.
ويتعلق بالمرأة فحينئذ إما أن يفوت المصدر، أو يفوت المحل وهي الزوجة.
فقوله: إن لم أطلقك، الطلاق لا يتعلق بنيته، والطلاق لا يدخله النية، فحينئذ بينه وبين الله أنه إذا لم يطلق فهي طالق، فنعطيه المهلة إلى آخر حياته، بحيث يبقى من عمره على قدر الطلاق، ولم يطلق، فتطلق عليه؛ لأن الشرط بينه وبين الله أنه إذا لم يطلق طلقت عليه امرأته، وأما إذا ماتت هي قبله فإنه يفوت الطلاق بفواتها، فكما أن الطلاق يفوت بفوات المصدر، كذلك يفوت بفوات المحل، فإذا كان يفوت بفوات المصدر، أو فوات المحل، ننظر إلى أسبقهما موتاً؛ لأن الطلاق يفوت بموت أحدهما بغض النظر عن كونه رجلاً أو امرأة، وعلى هذا قالوا: ننظر إلى أسبقهما موتاً، فإذا بقي من عمره على قدر الطلاق، فإننا نطلق المرأة بفوات هذا الزمان؛ لأن الشرط يقع بذلك.