ثم يرفع يديه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم رفع يديه وهي السنة، وأجمع العلماء على سنية رفع اليدين في الدعاء على الصفا والمروة؛ لأن الأحاديث صحيحة، ولذلك قال العلماء: من المواضع التي يشرع فيها رفع اليدين في النسك في الحج والعمرة على الصفا والمروة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم رفع يديه، وسأل الله عز وجل من فضله، والسنة أن يجتهد في الدعاء، وكان عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما -وهو الذي عرف بالتأسي، والاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم- يطيل الدعاء ويطيل المسألة، حتى جاءت الرواية الصحيحة عنه أنه كان أصحابهَ يَملُّون من طول قيامه رضي الله عنه وأرضاه، ولكن قال تعالى:{وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ}[فصلت:٣٥]، فمن عرف الله، وأَجَلَّه بأسمائه وصفاته، وعظم شعائره، وأخلص في مواطن الدعاء، ومواطن الثناء على الله، وصبر واصطبر، فإنه يحس بلذة مناجاة الله سبحانه وتعالى، وحلاوة ذكره، نسأل الله العظيم أن يجعلنا وإياكم ذلك الرجل، فكان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يثني على الله بما هو أهله، ويدعو، ويسأل الله عز وجل، ويلح في دعائه ومسألته.
قال بعض العلماء: من المواطن التي ترجى فيها الإجابة الدعاء على الصفا والمروة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم تحرى الدعاء هناك، قالوا: فيشرع له أن يستكثر من سؤال الله تعالى من خيري الدنيا والآخرة، ويجعل مسألة الآخرة هي الأصل؛ لأن أمور الدنيا يسيرة، والإنسان يأخذ من دنياه ما يبلغ به آخرته، فيجعل المسألة لآخرته في صلاح دينه، واستقامته على طاعة ربه، ويسأل الله عز وجل حسن الطاعة، وكمال الاستقامة، والثبات على ذلك إلى لقاء الله عز وجل، فالسنة أن يجتهد في الدعاء.
فإذا فرغ من الدعاء نزل عن الصفا؛ تأسياً برسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى تنصب قدماه في الوادي.