هل يجوز أن أشتري مصاحف وأضعها في الحرم وقفاً لله عن شخص ميت وآخر حي؟ أثابكم الله.
الجواب
هذه المسألة فيها جانبان: الجانب الأول: بيع المصاحف وشراؤها اختلف فيه العلماء: الجمهور على جواز بيع المصحف وشرائه.
وكره الإمام أحمد رحمه الله ذلك وهو محفوظ عن بعض السلف، حتى قال ابن عمر: وددت أن الأيدي تقطع في بيع المصاحف.
لكن الصحيح أنه يجوز بيعه كمذهب الجمهور، ويجعل الانعقاد على الصحف والورق، وليس على كلام الله عز وجل؛ لأن كلام الله لا يباع ويشترى، وأشار بعض العلماء إلى ذلك بقوله في خواص القرآن: ومنع بيعه لدى ابن حنبل وكرهه لدى ابن شافعٍ جلي فالجمهور على كراهية ذلك، مع صحة البيع.
إذا ثبت هذا؛ فيجوز شراء المصاحف، فإذا جاز شراؤها بقيت مسألة الصدقة بها إذا قرئت وانتفع بها.
وهكذا كتب العلم، كأن تشتري كتب علم وتضعها في مكتبة أو مسجد على أن ثواب قراءتها لك أو لوالديك الأموات، فهذا لا بأس به ولا حرج؛ لأن الصدقة عن الميت ثبت النص بها كما في الصحيح من حديث سعد رضي الله عنه (أنه اشتكى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن أمي افتلتت نفسها، وما أراها لو بقيت إلا أوصت، أفأتصدق عنها؟ قال: نعم ... ).
وفي صحيح البخاري جعل سعد رضي الله عنه حائط الخراف -وهو بستان له- صدقة على أمه بعد موتها، فدل هذا على مشروعية التصدق عن الميت بالأمور التي ينتفع بها، سواء كانت دينية أو دنيوية، فالدينية أعظم أجراً وأعظم ثواباً.
ولذلك يجوز أن تتصدق ببئر الماء وثلاجة الماء، والكتب العلمية في مسجد، أو تشتري لطالب علم كتاباً يقرؤه تنويه عن والديك أو عن ميت لك، فهذا مما تؤجر عليه.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.