قوله:(تسن عيادة المريض) هذه السنية مطلقة، لا تتحدد بزمان ولا بمكان، والأمر يختلف باختلاف العوائد، ولا يحدد لها زمانٌ لا بالليل ولا بالنهار، فتعود المريض بالليل وتعوده بالنهار، على حسب ما يجري في العادة ويقتضيه العرف، وعلى حسب استعداد المريض لتقبل هذه الزيارة وارتياحه لها وحصول المقصود.
وإذا عاد المسلم أخاه المسلم، فإنه ينبغي عليه أن يحفظ الحقوق في هذه العيادة، فالسنة عن النبي صلى الله عليه وسلم والهدي عنه كان أكمل الهدي وأكمل السنة، فقد كان عليه الصلاة والسلام إذا عاد مريضاً يتوخى أفضل الأمور وأحبها إلى الله عز وجل، وهذا هو المقصود من العيادة.
ولذلك قرر العلماء كما نبه عليه جمعٌ منهم: الإمام ابن القيم رحمه الله في كتابه النفيس -الزاد- عند كلامه عن هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في عيادة المريض، أن ذلك الهدي أكمل الهدي وأحسنه وأجمله وأفضله، فكان يندب أصحابه إلى إفساح الأجل للمريض، فإذا عاد الإنسان المريض أفسح له في الأجل.
ومما يدل على مشروعية ذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما عاد سعد بن أبي وقاص أفسح له في الأجل، وقال له -لما أخبره سعد أنه مريض وأنه يخشى الموت-: (لعلك أن تعمر فينتفع بك أقوامٌ ويستضر بك آخرون) وكان ما كان، فقد نفع الله به الإسلام بخروجه رضي الله عنه للجهاد في سبيل الله، وكسر الله به شوكة الكافرين، فهذا إفساحٌ في الأجل منه عليه الصلاة والسلام، وهو يشهد لحديث ابن ماجة:(من عاد مريضاً فليفسح له في الأجل).
وإفساح الأجل فيه حسن ظنٍ بالله، وفيه فألٌ حسن، وكان صلى الله عليه وسلم يحب الفأل الحسن؛ لأن الإنسان إذا أحسن ظنه بالله عز وجل قويت عقيدته وكمل يقينه، وكذلك -أيضاً- حينما تفسح له في الأجل فذلك أدعى إلى أن تطول حياته، وقد قال عليه الصلاة والسلام:(خيركم من طال عمره وحسن عمله).