إذا قُتل الصائل فدمه هدر، ومن أهل العلم من قال: كل من صال لغير حق على ذي حرمة في دمه أو ماله أو عرضه، فإن دمه هدر.
ومن أهل العلم من أخرج المال، وقال: إن القتل لا يكون من أجل المال، وظاهر الحديث قال:(لا تعطه قال: أرأيت إن قاتلني، قال: قاتله.
قال: أرأيت إن قتلته، قال: هو في النار، قال: أرأيت إن قتلني، قال: أنت شهيد) فظاهره العموم، وهو شامل للجناية، بل إن الشخص يطمع في المال فيقتل من أجله، وعندما يأتي لطلب المال مسلحاً، أو العصابة تهجم على التجار مسلحة، فالغالب أنها ستقتل من أجل المال، وحينئذٍ يجوز قتل من صال من أجل أن يأخذ المال.
وهل يجب على الإنسان إذا هجم على ماله أو صال عليه الغير من أجل أخذ ماله؛ هل يجب عليه أن يدفع؟ أما إذا صال عليه من أجل دمه فإنه يجب في قول طائفة من العلماء رحمهم الله وهو الصحيح، ومن أهل العلم من قال: لا يجب، بل يخير، ويجوز له أن يستسلم، ولا بأس في ذلك ولا حرج، لأن الله ذكر عن قابيل وهابيل أنه قال له:{لَئِنْ بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ}[المائدة:٢٨] فهذا استسلم ورضي أن يقتل.
ولكن رد هذا بأن شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد شرعنا بخلافه، وقد قال الله عز وجل:{وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}[البقرة:١٩٥]، وقال:{وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ}[النساء:٢٩] أي: لا تتعاطوا أسباب القتل، ولأن من سكت على الظالم أن يقتله فقد أعانه على الظلم والعدوان، والنبي صلى الله عليه وسلم قال:(انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً، قال: أرأيت إن كان مظلوماً أنصره، ولكن كيف أنصره وهو ظالم؟ قال: تحجزه وتمنعه عن الظلم، فذلك نصره) فهذا يدل على أنه يجب عليه أن يدفع، ولا يجوز له أن يستسلم.
إذا أراد الإنسان أن يستسلم، ويرى أن المال أحقر من أن يقتل أخاه، فهذا رخص فيه بعض العلماء، والصحيح أنه إذا أشهر السلاح لقتله من أجل المال، أنه يجوز له أن يقاتله، وظاهر الآية الكريمة في النفس، ولكنها تعارضت مع الآيات والأحاديث الواردة في شرعنا، ولذلك لا يقوى الاحتجاج بها من الوجه الذي ذكرناه.