للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[عدم الفرق بين قولك: اتفق العلماء وأجمع العلماء]

السؤال

هل هناك فرق بين الاتفاق والإجماع؟ وهل يعتبر اتفاق العلماء إجماعاً؟

الجواب

الإجماع له صيغتان: صيغة قوية، وصيغة ضعيفة، بعض العلماء يقول: قوية وضعيفة، وبعضهم يقول: صريحة وغير صريحة، فصيغة الإجماع القوية والصريحة: أجمعوا واتفقوا، فإذا قال العالم: اتفق العلماء، أو قال: أجمع العلماء، فهو إجماع، ولا يقال: اتفقوا وأجمعوا إلا فيما فيه إجماع مثل ما نقول: اتفقوا على وجوب الصلاة، واتفقوا على وجوب الوضوء، هذا إجماع، والاتفاق بهذه الصيغة يعتبر من صيغ الإجماع القوية والصريحة.

أما صيغة الإجماع الضعيفة فهي: لا خلاف، ولا نعلم مخالفاً، ولا أعلم مخالفاً، ولا يُعلم له مخالف، فهذه كلها من الصيغ الضعيفة، يحتمل ما قلنا: لا نعلم خلافاً، حسب علمنا، ولكننا لم نعلم، ولا يُعلم مخالف -هذه بصيغة البناء للمجهول- ولكن قد يوجد المخالف، لكن حينما تقول: أجمعوا، فمعنى ذلك: أنهم اعتبروا الحكم المذكور في الإجماع، والاتفاق إجماع.

وبعضهم يقول: (اتفقوا) للأئمة الأربعة، و (أجمعوا) لغيرهم، وهذا غير صحيح، فالعلماء وأئمة الأصول يقولون: إنّ اتفقوا: من صيغ الإجماع الصريحة, وليست خاصة بالمذاهب الأربعة، فينبه على هذا، لكن إذا كان عالم من العلماء سار على مصطلح ففرق بين أجمعوا واتفقوا، فجعل اتفقوا في الأئمة الأربعة، وأجمعوا فيما زاد عنهم وهو الإجماع المحرر، فهذا اصطلاح خاص، ولكن الأصل عند علماء الأصول: أن صيغة أجمعوا واتفقوا واحدة، ولا فرق بينهما، والله تعالى أعلم.

الإمام ابن رشد والإمام ابن قدامة من أئمة النقل للإجماع يعبران بـ (اتفقوا)، ويعبران بـ (أجمعوا)، والإمام ابن حزم رحم الله الجميع يقول في مراتب الإجماع: واتفقوا، فيعبر عن الإجماع بالاتفاق، فمسألة أن صيغة (اتفقوا) لا تدل على الإجماع، هذا ليس بصحيح، بل تدل على الإجماع، وعلى هذا تعتبر من الصيغ القوية، وعرفوا الإجماع بقولهم: هو اتفاق مجتهدي أمة محمد صلى الله عليه وسلم على حكم من الأحكام الشرعية في أي عصر من العصور، قالوا: الإجماع: اتفاق، فعبروا بالاتفاق عن الإجماع، فدل على أنهم يعتبرون الإجماع اتفاقاً.

<<  <  ج:
ص:  >  >>