[بيان حد الوجه من حيث الطول والعرض]
قال رحمه الله: [ويغسل وجهه من منابت شعر الرأس إلى ما انحدر من اللحيين والذقن طولاً ومن الأذن إلى الأذن عرضاً] قوله: (ويغسل وجهه): الوجه تقدم أنه من المواجهة، وبينَّا كلامَ العلماء في الوجه، ودليلَ وجوب غسله.
والآن نبين حد الوجه: -أما طولاً: فقالوا: إنه من منابت الشعر الذي يكون في ناصية الإنسان إلى ما انحدر من اللحيين، وهو اللحية السفلى، فيشمل الوجه الشق الأيمن والأيسر إلى ما انحدر.
والسبب في تعبير المصنف بقوله: (إلى ما انحدر)؛ لأن الوجه يحصل بهذا القسط من العضو، فحتى يكون كاملاً في غسله لهذا القسط لا بد أن يمسك جزءاً يسيراً مما جاوره، كالصائم لا يتحقق كمال صومه إلا بإمساك جزء يسير من الليل، حتى يتحقق غروب الشمس.
ولذلك يقول العلماء: إلى ما انحدر؛ لأنه إذا غسل المنحدِر من العظم فقد كمُل غسل هذا الوجه، سواءً كان في الشق الأيمن أو الشق الأيسر، فلا بد أن يغسله إلى ما انحدر، هذا إذا كان الإنسان أجرداً أو أمرداً، أما إذا كان ذا لحية فالشعر يقوم مقام المنحدِر، ويكون غسله على الصفة التي ذكرناها في التخليل.
هذا بالنسبة للطول: أنه من منابت الشعر إلى ما انحدر من اللحيين، وبه يتحقق كمال الوجه طولاً.
- أما عرضاً: فإنه قال: (ومن الأذُن إلى الأذُن عرضاً).
قال بعض العلماء: إن الوجه كمالُه من الأذُن اليمنى إلى الأذن اليسرى عرضاً.
وقال بعضهم: بل إن حده إلى العذار، فإذا غسل العذار، وهو الشعر الذي يكون مقابلاً للأذُن فقد تم غسله للوجه.
وفائدة الخلاف: الحكم في البياض الذي بين الشعر والأذُن.
وهذا يقوى في الملتحي، ولذلك قالوا: إنه إذا كان ملتحياً، فإن المواجهة تحصل باللحية، فيغيب البياض فلا يعتبر من الوجه، ولذلك قال بعض العلماء: لا يجب غسل هذا البياض.
وبناءً على هذا القول: لا يقال: من الأذُن إلى الأذُن؛ ولكن المصنف اختار أحوط القولين، والعمل عليه: أنه يغسل البياض الذي بين الأذُن والشعر؛ لأن وجود الشعر إنما هو مختص بالملتحي دون غير الملتحي، فيجب غسله لكمال غسل الوجه، فإن الذي لا لحية له يعتبر من وجهه وجود ذلك البياض.