ويشترط في صحة الحكومة ما يلي: الشرط الأول: أن تكون الجناية لا تقدير فيها في الشرع، فهذا محل اتفاق على أن هذا الأمر -وهو الحكومة- يختص بالجنايات التي لا تقدير لها في الشرع، هذا أول شرط.
الشرط الثاني: أن يكون من ذوي الخبرة والنظر والمعرفة، يقال لهم: قدروه قبل الجناية وقدروه بعد الجناية، وانظروا نسبة النقص هذه التي تكون من هذا الشخص المجني عليه ذكراً كان أو أنثى، يعني: يستوي في ذلك أن يكون المجني عليه ذكراً أو أنثى.
قال رحمه الله:[فما نقص من القيمة فله مثل نسبته من الدية] سيذكر هذا بالمثال.
قال:[كأن كان قيمته عبداً سليماً ستين وقيمته بالجناية خمسين ففيه سدس ديته] أي: إذا كانت القيمة تساوي الستين، يعني: يعادل ستين ألف ريال، ثم بعد الجناية أصبح بخمسين، فمعنى ذلك: أنها أنقصته عشرة، والعشرة تعادل السدس من القيمة، فحينئذٍ يجب على الجاني أن يدفع له سدس ديته، وهنا بالنسبة للحكومة يكون الرقيق أصلاً والحر مبنياً عليه، والعكس بالنسبة للديات، يكون في المقدرات والأعضاء المقدرة يكون الحر أصلاً والرقيق مبنياً عليه.
قال:[إلا أن تكون الحكومة في محل له مقدر فلا يبلغ بها المقدر] مثلاً: لو كانت الجناية على أصبع من أصابعه، وهذه الجناية ليس لها تقدير، بمعنى: أنه ما قطع الأصبع كاملاً، وفي بعض الأحيان يكون الرقيق ذا صنعة، وإذا قدر قبل الجناية على أنه بمائة ألف، ثم أنقصته الجناية الربع، مثلاً: أصبح بخمسة وسبعين ألفاً، فحينئذٍ أنقصته ربع القيمة، يعني: لو حصلت فيه هذه الجناية في أصبعه، وكان قبلها كاتباً، أي: عنده صنعة الكتابة، أو عنده صنعة غيرها ينتفع بها، فأنقصته -مثلاً- الربع، في هذه الحالة الأصبع لا تعادل الربع؛ لأن الأصبع لو قطعت ففيها عشر الدية، فلا تبلغ الحكومة أو مقدر الحكومة لا يبلغ دية العضو الذي فيه الجناية، وهذا أصل شرعي، وبناءً على ذلك ينقص من هذه الحكومة حتى تصل إلى أقل من عشر الدية؛ لأن الأصبع موجود ولا يعقل مساواتها بعدم الوجود، فلو قطعت الأصبع كاملة لكان فيها عشر الدية، فكيف نقول له: جناية الحكومة يقدر أكثر من المقدر شرعاً والأصبع موجودة؟! فهذا يخالف شرع الله عز وجل.
ومن هنا اشترط العلماء رحمهم الله شرطاً في الحكومة وهو الشرط الثالث: أن لا يبلغ التقدير أكثر من قيمة العضو الذي فيه الجناية.