من عفا عن القاتل له أجر، وهذا الأجر مغيب، ولم يرد نصٌ بتفسيره ولا ببيانه ولا قياسه على غيره، فالواجب على المسلم أن يقف عند هذا الموقف الذي حده الشرع، وهو أن نؤمن بأن الله يثيبه، قال تعالى:{فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ}[الشورى:٤٠] ومن ابتغى الأجر من الله، فقد تولى كريماً لا تنفد خزائنه سبحانه وتعالى، فنِعم العطية ونِعم المتحمل سبحانه وتعالى لهذا الفضل العظيم الذي سيبذله على عبده؛ لأن الناس يختلفون، من قُتل أبوه وعفا ليس كمن قُتل ولده، ومن قُتل أبوه وهو يتيم يحتاج إلى حنانه وبره وإحسانه، ليس كمن قُتل أبوه وهو كبير عاقل رشيد، هذه الأمور كلها يعلمها الله سبحانه وتعالى ويقدرها بأقدارها ويجزل ثوابها، {وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ}[فاطر:١٤] سبحانه وتعالى، فهذه الأمور لا يدخل في تفصيلها.
فإن يُقال: إن من أعتق الرقبة كمن عفا عن القتل.
أو: من عفا عن القتل كمن أعتق الرقبة فهذا لا يدخل فيه القياس؛ لأن هذه الأمور ليست مجالاً للقياس، وهذه أمور غيبية يقف المسلم فيها عند الحد الذي حده الشرع، فيؤمن إيماناً جازماً كاملاً بأنه لا أكرم من الله سبحانه وتعالى، وأنه إذا عفا المسلم عن أخيه المسلم لله ولوجه الله تولى الله ثوابه.
أما ما هو الجزاء، وما هو الثواب فهذا أمر يتوقف فيه؛ للأصل الذي ذكرناه.