قال المصنف رحمه الله:[وأكثر مدة النفاس أربعون يوماً].
ذكر رحمه الله أكثر النفاس وأنه أربعون يوماً، ونحتاج إلى معرفة أكثر النفاس في المرأة التي يستمر معها الدم؛ لأنها قد تنزف، وقد تتسبب ولادتها بنزيف، فيستمر معها الدم شهرين أو ثلاثة أو أربعة أو خمسة، وقد تبقى سنة كاملة وهي تنزف بعد ولادتها، على حسب ما يكون للنساء من اضطراب في عاداتهن بعد ولادتهن، وبناءً على ذلك: يحتاج الفقيه إلى معرفة أكثر النفاس حتى يحكم بطهارة المرأة، أو يحكم بدخولها في الحيض، أو يحكم بدخولها في الاستحاضة.
فقال رحمه الله:(أكثر النفاس أربعون يوماً) وهذه مسألة خلافية، وللعلماء فيها قولان مشهوران: القول الأول: أن أكثر النفاس أربعون يوماً وما زاد فهو استحاضة، وهذا قول الجمهور، واستدلوا بما ثبت في الصحيح:(كانت النفساء تجلس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين يوماً).
القول الثاني: تجلس النفساء ستين يوماً، وهو مذهب المالكية، وقول عبد الرحمن الأوزاعي فقيه الشام رحمة الله على الجميع، يقولون: النفساء لا بد أن تجلس ستين يوماً، وما جاوز الستين فهو استحاضة وليس بدم نفاس.
هذا بالنسبة لقوله:(أكثر النفاس أربعون يوماً)، وفهمنا من هذا أن النفاس لا حد لأقله، وبناءً على ذلك: لو أن امرأة ولدت ثم جرى معها الدم لحظة واحدة، فأخرجت دفعة واحدة من الدم ثم انقطع، حكمنا بكونها طاهرة؛ لأنه ليس عندنا حد معتبر لأقل النفاس، وإذا لم يكن هناك حد معتبر فإنه بمجرد انقطاع الدم عنها نحكم بكونها طاهرة، هذا بالنسبة لأقل النفاس وأكثره.
والصحيح: أن أكثر النفاس هو أربعون يوماً، تجلسها المرأة، ثم إذا أتمت هذا العدد فإنها تخرج عن كونها نفساء.
قال المصنف رحمه الله:[ومتى طهرت قبله تطهرت وصلت].
قوله:(ومتى طهرت قبله) يعني: قبل أكثر النفاس، (تطهرت وصلت) مثال ذلك: امرأة ولدت في أول الشهر، واستمر معها دم النفاس عشرين يوماً ثم طهرت، أي: رأت علامات الطهر، إما جف موضعها، بأن ينقطع الدم، أو خرجت معها قصة بيضاء هي نهاية دم النفاس، فبخروج القصة البيضاء، أو وجود الجفوف تحكم بكونها قد طهرت، فإذا طهرت المرأة أثناء الأربعين يوماً بعد الولادة -مثلاً: طهرت بعد عشرين يوماً أو بعد ثلاثين يوماً أو بعد خمسة وعشرين يوماً- تقول: هي طاهرة، تصوم وتصلي وحكمها حكم الطاهرة.