ما هو المراد بقوله تعالى في كفارة اليمين في قوله:{مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ}[المائدة:٨٩]؟
الجواب
{ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ}[المائدة:٨٩] اختلف فيه: من العلماء من يقول: الأمر راجع إلى المكفّر وهو الذي حلف اليمين فينظر إلى أوسط طعامه، فإن كان من الأغنياء نظر إلى أوسط طعامه في غناه، وإن كان من الفقراء نظر إلى أوسط طعامه في فقره، فيخرج على قدر وسعه.
ومنهم من قال: المراد به العرف، أي: من أوسط الطعام في أعرافكم؛ ولذلك جاء بصيغة الجمع:(مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ) والفرق بين القولين: أنه على القول الأول يمكن للغني أن ينظر أوسط ما يكون له في الغنى ويكون الوسط هذا للغني أرفع ما يكون في بيئته، مثال ذلك: لو أن غنياً حلف اليمين فحنث في بيئةٍ فقيرة، أوسط طعام فيها بخمسين ريالاً، لكن بالنسبة له هو أوسط الطعام بمائتين، فحينئذٍ يكفر بالمائتين ويطعم طعام المائتين؛ لأنه هو المخاطب على القول الأول، والعبرة به من أوسط طعامه، ويكسو الفقراء والمساكين من أوسط كسوته لا من أوسط كسوة العرف، وعلى هذا القول: يعتبر التحديد للشخص نفسه، والعكس بالعكس، فلو كانت العبرة بالعرف وكان العرف أوسط الكسوة فيه بمائة ريال وهو غني، وأوسط كسوته ربما بخمسمائة ريال، فإن قلنا: العبرة به أخرج كسوة بخمسمائة، وإن قلنا العبرة بالعرف أخرج كسوة بمائة، والعرف من أقوى ما يكون في هذه المسألة؛ لأن المراد به: من أوسط ما يطعم في عرف الحالف فيخرج من أوسط الطعام، وهذا يختلف من مدينة إلى مدينة ومن قريةٍ إلى أخرى فيكفر على حسب حال عرفه في الوسط سواءً كان طعاماً أو كسوةً، والله تعالى أعلم.