[حكم خروج البول والغائط من فتحة غير السبيلين]
هنا مسألة: لو أن إنساناً فُتِحت له فتحةٌ يخرج منها الخارج، من بول أو غائط، سواءً وقعت فوق القُبُل أو فوق الدُّبُر، فهل نحكم بكون الخارج من هذه الفتحة خارجاً من السبيل، ويأخذ حكم ما قرره العلماء -رحمة الله عليهم- من كونه ناقضاً؟ أو نقول: نقتصر على السبيل المعتبر، وكل فتحة سواءً كانت لقُبُلٍ أو دُبُر، لا تؤثر؟ وجهان للعلماء: أصحهما: أن الفتحة تُنَزَّل منزلة الأصل، فمن انسدت مقعدته، أو مرض فغُيِّر مجرى بوله وغائطه، فإن هذا يقتضي أخذ حكم الأصل، والبدل آخذٌ حكم مُبْدَله.
لكن من العلماء من أطلق في حكمها فقال: كل فتحة خرج منها الخارج فإن الوضوء ينتقض بخروج الخارج منها.
ومنهم من قال: أفصِّل في الفتحة، وأُفصل في الحكم، فقالوا في الفتحة: لا تخلو من حالتين: الحالة الأولى: أن تكون أسفل المعدة، أي: تحت السرة.
الحالة الثانية: أن تكون فوق السرة، يعني: أعلى المعدة.
قالوا: فإن كانت أسفل المعدة نقضت.
وإن كانت فوق المعدة لم تنقض.
فالذين قالوا: عموم الفتحة ينزل منزلة الأصل فينقض الخارج منه، نظروا إلى أنها مجرى الخارج، فأخذت حكم المخرج الأصلي؛ لأن البدل يأخذ حكم مُبْدَله.
والذين فصَّلوا نظروا إلى أن الخارج إنما هو ناقض إذا استوعبته المعدة واستهلكته، حتى صار بولاً أو غائطاً، ويتأتى ذلك بنزوله من الأدنى، فإن نزل من الأعلى فذلك ليس بخارج على الصورة المعتبرة، فنعتبره أشبه بالقَلْس ولا يوجب انتقاض الوضوء ولا الطهارة.
هذا بالنسبة لمن يقول: إنه يفرَّق بين الفتحة من أسفل ومن أعلى.
والذي يقوى: أنها إذا أُخْرِجت الفضلة من فوق المعدة أو من أسفل المعدة، فإنها ناقضة.
ثم يبقى النظر في مسائل تتعلق بنقض هذه الفتحة من جهة لمسها، هل تُنَزَّل منزلة العضو من كل وجه، أو من بعض الوجوه؟ سيأتي -إن شاء الله- في اللمس.
هنا مسألة: وهي إذا قلنا في المسألة الأخيرة: إن الخارج من الفتحة ناقض للوضوء، ووُجِد كحالِ بعضِ المرضى اليوم، حين يوضع كيس البول -أكرمكم الله- في وعائه؛ لأنه يتقاطر منه باستمرار، فهل يُحْكَم بانتقاضه مطلقاً أم ماذا؟
الجواب
أنه إذا فتحت الفتحة، واسترسل الخارج أخذ حكم دم الاستحاضة، ويتوضأ عند دخول كل صلاة، ويعتبر وضوءه موجباً لأداء الصلاة ونوافلها القبلية والبعدية، على ما ذكره العلماء رحمة الله عليهم.