وقد يطلقها وتجتمع القرائن على إثبات أنه يريد حرمانها من الميراث، كأن يطلقها في مرض الموت المخوف ويبت طلاقها فدل على أنه يقصد أن يحرمها من الميراث، فهذه المسألة اختلف فيها أئمة السلف رحمهم الله، وكان الخليفة الراشد عثمان رضي الله عنه يقضي أنها تورث حتى ولو خرجت من عدتها، وذلك معاملةً له بنقيض قصده حيث خالف شرع الله عز وجل وظلمها وحرمها حقها، فالظاهر شيء ونيته شيءٌ آخر، فمن قضى من الصحابة بهذا القضاء غلب الباطن على الظاهر؛ لأن الشريعة قد يجمع فيها الأمران الظاهر مع الباطن، وقد ينظر إلى الظاهر ولا يلتفت إلى الباطن كما في المنافقين، وقد ينظر إلى الباطن ولا يلتفت إلى الظاهر كما في هذه المسألة، والباطن إما بإقراره كأن يقول: قصدت حرمانها، ويأتي شهودٌ عند القاضي ويقولون: فلانٌ طلق فلانة في مرضه وقال: قصدت حرمانها من الميراث، فحينئذٍ يثبت عند القاضي أنه قصد هذا القصد السيئ الذي يخالف شرع الله، أو تدور القرائن على هذا، كأن يطلقها بالثلاث وبعد أن أخبره الأطباء أن مرضه مرض موت، فليس هناك من داعٍ لهذا الطلاق ومرضه مخوف يؤدي إلى الموت -نسأل الله السلامة والعافية- إلا الإضرار بالمرأة، ولذلك يذكر العلماء من أمثلة ختم العمل -والعياذ بالله- بالعمل السيئ: أن يظلم الإنسان في آخر عمره بتطليق الزوجة وحرمانها من الميراث؛ أو بالجوار في الوصية، كما جاء في الأثر أن من جار في وصيته ختم له بخاتمة سوء والعياذ بالله، فآخر ما يكتب في ديوانه عمل السوء -نسأل الله السلامة والعافية- حتى إن بعض العلماء قالوا: قوله: (فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها)، قالوا: المراد دخول الموحدين، وهو أن يعمل بعمل أهل النار فيفعل كبيرة قبل موته فيختم له بخاتمة السوء، ويشاء الله تعذيبه كي يدخل النار تطهيراً من هذا الذنب.
إذاً: من أمارات سوء الخاتمة أن الشخص -والعياذ بالله- يجور ويظلم في آخر عمره، وفي هذه المسألة قضى الصحابة رضوان الله عليهم -وهو وقضاء عثمان رضي الله عنه- أنها ترث حتى بعد خروجها من العدة، وقد اختار هذا طائفة من أئمة السلف ودواوين العلم رحمهم الله واختاروا أنه يعامل بنقيض قصده.