[حكم تحريم الزوج زوجته على نفسه]
قال رحمه الله تعالى: [فصل: وإن قال: أنت عليَّ حرام أو كظهر أمي؛ فهو ظهار ولو نوى به الطلاق].
هذه المسألة تعرف بمسألة تحريم الزوجة.
أولاً: ما هو لفظ التحريم؟ وما هي صورته التي يقع بها؟ لفظ التحريم يقع عاماً ويقع خاصاً.
يقع عاماً فيقول: ما أحل الله لي فهو حرام علي، أو الحلال حرام علي، هذا اللفظ يعتبر لفظاً عاماً، ويسمونه: لفظ تحريم عام، والزوجة داخلة تحت هذا العموم.
الحالة الثانية: أن يخص ويخاطب الزوجة، فينقسم إلى التعريف والتنكير، فالتنكير كخطابه لزوجته وقوله لها: أنت حرام، زوجتي حرام، حرمت.
هذه كلها بألفاظ النكرة، والتعريف كقوله: أنت الحرام، عليَّ الحرام منك، ما أحل الله لي منك فهو الحرام عليَّ، أو الحلال حرام بالعموم كأن يقول: الحلال منك حرام عليَّ، هي حرام.
ونحو ذلك، هذه كلها ألفاظ تحريم، وهذا اللفظ حكمه في الشرع أنه زور وإثم على صاحبه -والعياذ بالله- لأن الله حرم على المسلم أن يحرم ما أحل الله له، وأجمع العلماء على أنه آثم، والدليل على ذلك: أولاً: قوله: {وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ} [النحل:١١٦]، فهو يقول: (حرام) في موضع حلال، فيفتري على الله الكذب، فجعل ما أحل الله حراماً وما حرمه حلالاً.
فكيف يجعل الحلال حراماً والحرام حلالاً؟! فكان هذا افتراء وكذباً على الله.
ثانياً: ما ثبت عند أحمد في مسنده وهو حديث صحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله أحل أشياء فلا تحرموها، وحرم أشياء فلا تحلوها، وسكت عن أشياء رحمة بكم من غير نسيان فلا تبحثوا عنها) فقال: (أحل أشياء فلا تحرموها) فأحل الله له زوجته، والزوجة حلال له بحكم الله عز وجل، قال تعالى: {إنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ} [الأحزاب:٥٠].
فإذا ثبت أنها حلال له وقال: أنت حرام عليَّ، حرمتك، الحرام يلزمني.
فإنه في هذه الحالة جعل ما أحل الله له حراماً، وقد عاتب الله نبيه في هذه المسألة، فقال: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} [التحريم:١]، والاستفهام في قول الجماهير من المفسرين استفهام يتضمن المعاتبة والإنكار؛ كأنه أنكر على نبيه ذلك، فدل على أنه يحرم على المسلم أن يقول هذه الكلمات.
هذه المسألة الأولى: عرفنا ما هو الحرام، وعرفنا الحكم الشرعي فيه، والواجب على كل طالب علم سمع رجلاً يقول: عليَّ الحرام، زوجتي حرام، أنتِ حرام.
أن يقول له: اتق الله واستغفر الله من هذا الذي تقول، فإن الله لم يأذن لك أن تحرم ما أحل لك، كما لم يأذن لك أن تحل ما حرم عليك.
فلا يجوز لك هذا، وتنصح وتقول له: هذا حرام عليك.