بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على خير خلق الله أجمعين، وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه واهتدى بهديه إلى يوم الدين.
أما بعد: فيقول المصنف رحمه الله: [باب الآنية] الباب: هو المنفذ بين الشيئين يتوصل به أحدهما إلى الآخر، من داخلٍ إلى خارج والعكس، قالوا: سُميت مباحث العلم أبواباً؛ لأن الإنسان يتوصل من خارج وهو: الجهل بها، إلى داخلٍ وهو: العلم بما فيها، فمن قرأ شيئاً من هذه الأبواب فقد أدرك العلم الذي فيها، كمن دخل البيت فإنه يدرك ما فيه، ويرتفق بمنافعه.
(باب الآنية) واحدها إناءٌ، وجمعها رحمة الله عليه لأن الأواني منها ما أباحه الشرع، ومنها ما حرمه الشرع، فناسب أن يقول:(باب الآنية)، أي: في هذا الموضع سأذكر لك أحكام الشريعة في الأواني، والسبب الذي يجعل العلماء يذكرون باب الآنية، ويتكلمون على مباحث الآنية في كتاب الطهارة: أن الطهارة تحتاج إلى ماء يُتطهر به، وصفةٍ تتم بها الطهارة، والماء الذي يتطهر الإنسان به يحتاج إلى وعاء يحمله فيه، فإنه قد يكون الماء طهوراً ولكن الإناء نجس، فهل يجوز أن يتوضأ الإنسان منه؟! وقد يكون الماء طهوراً، ولكنه في إناءٍ محرم كالمصنوع من الذهب والفضة، فهل يجوز أن يتطهر به؟ فإذاً لا بد من الكلام على أحكام الآنية؛ لأنها أوعية الماء الذي يُتطهر به.