[ولا حق شفعة]: مثلما ذكرنا في الشفعة: لي أرض وشريكي فيها زيد، فبعت نصيبي إلى عمرو بخمسمائة ألف مثلاً، فلما اشتراها عمرو أراد زيد أن يشفع؛ لأن زيداً شريك لي، وقلنا: إن الشريك من حقه أن يشفع فينتزع حصة شريكه ممن اشتراها بالثمن المتفق عليه الذي هو خمسمائة ألف.
فلما أراد زيد الذي هو شريك لي أن يشفع قال له عمرو: أنا أرغب في هذه الأرض وأرغب في هذا النصف، فأريد أن تسكت عن دعواك بالشفعة وأعطيك عشرة آلاف ريال، أو تسكت عن دعواك بالشفعة وأعطيك أرضي الفلانية، مراضاة على ذلك، لم يصح.
والسبب في هذا أن الشفعة شرعها الله دفعاً للضرر عن الشريك، فإذا أخذ العوض دل على أنه لا ضرر عليه بدخول هذا الشريك، فإذا تم بينهما صلح وأعطاه الخمسة آلاف على أن يسكت عن الشفعة وارتفعا إلى القاضي أمره القاضي برد الخمسة آلاف وأسقط حقه بالشفعة؛ أي: يصبح خاسراً من الوجهين، لا هو رجع إلى الشفعة، ولا هو أخذ المال الذي اتفقا عليه.
في هذه الحالة نقول: كيف أسقطنا الصلح؟ قالوا: لأن استحقاق الانتزاع مبني على خوف الضرر، فلما قَبل به شريكاً دل على أنه لا ضرر، وأن من مثله يُقبل كشريك، فكونه أسقط ورضي بإسقاط الحق واعترف أنه لا شفعة ورضي بذلك فإنا نسقط حقه؛ لأن كل شريك سكت عن حقه أو بان منه ما يدل على الرضا بالشريك يسقط حقه في الشفعة، ثم بعد ذلك تسقط الخمسة آلاف لأنها عوض عما لا معاوضة فيه، فاستحقاق الانتزاع ليس من جنس ما يباع ويشترى، فلا يملك أن يعاوضه عنه.