للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[ضابط سفر القصر]

السؤال

متى يكون القصر في الصلاة الرباعية؟ هل هو بمجرد النية في السفر أم بالخروج من المدينة؟

الجواب

نص الكتاب يدل على أن أحكام السفر لا تشرع ولا تكون إلا إذا تلبست بالسفر: أولاً: لدلالة لفظ السفر.

ثانياً: قوله: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ} [البقرة:١٨٤] والتعبير بـ (على سفر) يدل على أنه في حال السفر.

ثم قال تعالى: {إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [النساء:١٠١].

فإذاً: لا نستبيح ولا نستحل الرخص إلا إذا كنا على حالة سفر، فإذا كان الإنسان في بيته ونوى السفر فإنه لم يسافر حقيقة، والشريعة ترتب الأحكام على الباطن والظاهر، وترتبها على مجموع الأمرين، ففي السفر نشترط الأمرين: أن يكون حاله حال السفر، وهذا الظاهر.

وأن تكون عنده نية السفر.

ولذلك لو خرج من المدينة غير ناو للسفر فحاله حال المسافر؛ لأنه أسفر وخرج، ولكن يقصر؛ لأنه تحقق أحد الأمرين ولم يتحققا معاً، وكذلك النية، فمن وجدت فيه النية ولم يسافر لم نصحح له قصره.

فالذي عنده نية للسفر ولم يسافر جزماً فليس بمسافر، وإلا لصح أن يقال: إنني لو نويت الحج هذه السنة أستبيح القصر منذ أن أبقى ناوياً لهذه النية، ثم يرد السؤال: متى تتخيل هذه النية؟ فيدخل الإنسان في إشكال لا ينتهي.

هذه مذاهب شاذة وضعيفة، وإذا قلنا: مذاهب شاذة، فالتعبير بالشذوذ عند أئمة الفقه يدل على أنها لا يؤتى بها ولا يعمل، والله عز وجل قد نص على أن الرخص لا تستباح إلا على السفر، فإذا أراد أن يفطر وهو صائم فلا يفطر وهو في بيته، وإنما يفطر بعد أن يخرج.

وما ورد من أفعال الصحابة فقد أجيب عن ذلك من أن قوله: (من السنة) في حديث أنس وأبي بردة؛ أجيب عنه: أن الصحابي ربما فهم ما ليس بسنة سنة، حتى إن الإمام ابن حزم الظاهري رحمه الله مع أنه يأخذ بظواهر النصوص قال: إنه ربما فهم الصحابي ما ليس بسنة سنة.

ولذلك نبقى على نص القرآن الواضح الدلالة، وهو أنه لا يجوز لك أن تقصر الصلاة، ولا يجوز لك أن تفطر في سفرك إلا إذا كنت على سفر.

وبناءً على ذلك: إذا خرجت من آخر عمران المدينة فلك أن تستحل رخص السفر، فيجوز لك الفطر، ويجوز لك قصر الصلاة، فلو أذن المؤذن وأنت في طرقات المدينة ولم تخرج من آخر عمرانها فلست على سفر، ولم تضرب في الأرض بعد، فلم يتحقق الشرط الذي ذكره الله عز وجل، ولا يجوز لك القصر في هذه الحالة، وتجب عليك الصلاة رباعية فتصلي الظهر أربعاً، فلو أذن عليك الظهر وأنت قد حزمت أمتعتك وخرجت من بيتك ومشيت، ولكن بقي عمران المدينة لم تخرج منه بعد، فإنك تصلي أربعاً في الظهر والعصر والعشاء.

لكن لو أنك وضعت متاعك وركبت سيارتك وخرجت من آخر المدينة وبمجرد خروجك ولو بدقيقة واحدة أذن الظهر، فلك أن تصلي الظهر ركعتين، ويجوز لك أن تؤخرها إلى وقت العصر، أما لو أذن عليك قبل خروجك فيجب عليك أن تصليها في وقتها، ولا يجوز أن تؤخرها وتقول: أنوي جمعها؛ لأن الحضرية لا تجمع مع السفرية على الأصل الذي بيناه في مسائل الجمع بين الصلاتين للسفر.

والله تعالى أعلم.

<<  <  ج:
ص:  >  >>