[حكم من طلقت وهي حامل ثم أسقطت قبل مضي ستة أشهر]
السؤال
ذكرتم حفظكم الله أن ذوات الحمل يجب أن تنقضي لها ستة أشهر، فأشكل عليّ لو أسقطت قبل ذلك؛ فهل نلزمها بعدة ذوات الأشهر أو نلزمها بثلاث حيض؟
الجواب
باسم الله، الحمد لله، والصلاة والسلام على خير خلق الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد: هذه المسألة مندرجة تحت مسألة ذكرها العلماء رحمهم الله: إذا كانت المرأة على حال حكم بعدتها باعتبار حالها الذي هي فيه، ثم تغير هذا الحال.
مثال ذلك: أن تكون صغيرة آيسة من الحيض ثم تحيض فهل تستمر بعدة الأشهر أو بعدة الأقراء أو يجمع بينهما؟ فبعض العلماء رحمهم الله يرى أن دخول الوصف الثاني خاصة إذا كان أصلاً يلغي الوصف الأول، فلو مضى لها شهران ثم حاضت الشهر الثالث يقول: تستأنف المدة بعدة الحيض.
ودليل هذا القول: أن الله اشترط في الاعتداد بالأشهر أن تكون غير حائض، فدل ذلك على أن الأصل أنها تعتد بالحيض.
فإذا كان الأصل أنها تعتد بالحيض فحينئذٍ إذا حكم بعدتها بالأشهر ورجعت إلى الأصل ألغي الفرع، وحكم بالرجوع إلى الأصل ووجب عليها بالأصل بمعنى: أنها تعتد ثلاث حيضات على القول بالحيض أو ثلاثة أطهار على القول بالطهر.
القول الثاني: يجمع بينهما ويحكم بإتمام العدة إن مضى لها شهران، فتكون في حكم من مضى لها حيضتان على القول بالحيض أو طهران على القول بالطهر.
ويقول أصحاب هذا القول: تحيض حيضة ثالثة ويحكم بخروجها بها، فبأول حيضة من حيضاتها تخرج فيها من عدتها، أو بأول طهر على التفصيل والاختلاف هل العدة بالحيضات أو بالطهر، سيأتي إن شاء الله بيان هذه المسألة واختلاف أهل العلم رحمهم الله فيها.
وهذا المسلك أشبه بمسلك التلفيق، ومسلك التلفيق في بعض الصور قوي وراجح، وفي بعضها ضعيف مرجوح، ومسلك الرجوع إلى الأصل من ناحية أصولية أقوى إلا أنه في هذه المسألة أضيق، والقول بالتلفيق في الصورة الأخيرة التي ذكرناها أصح وأوجب.
وبناءً على ذلك يقع التفصيل في هذه المسألة على الخلاف المعروف عند أهل العلم رحمهم الله.
ففي بعض الأحيان بعض النساء تكون من ذوات الحيض، وفجأة يطلقها زوجها وينقطع عنها الحيض، وتبقى فترة طويلة لا يأتيها الحيض لمرض أو صدمة أو شيء يحدث لها، فهل تنتقل إلى ذوات الأشهر وتكون في حكم الآيسة؟ هذه المسألة أصعب من المسائل التي قبلها، وهذه الأمور كلها خارجة عن الأصل ويتجاذبها أكثر من أصل، ففي بعض الأحيان يتجاذبها أصلان، وبعض الأحيان يتجاذبها ثلاثة أصول.
وعلى كل حال فبالنسبة لمسألتنا التي وردت، وهي أنها لو حملت ثم أسقطت جنينها فلا أشك أنها ترجع إلى حيضها وتعتد بأطهارها؛ لأن الصحيح أن العبرة بالطهر لا بالحيض، فيلزمها أن تعتد ثلاثة أطهار؛ لأن الحمل لم يستتم، فوجوده وعدمه على حد سواء.
والله تعالى أعلم.