قال المصنف رحمه الله:[ويجب نية الإمامة والائتمام].
قوله:[ويجب نية الإمامة] أي: على الإمام أن ينوي أنه إمامٌ لمن وراءه ومؤتمٌ به، وذلك لحصول الجماعة، وفي الجمعة آكد، ولذلك قالوا: إنه يُلزَم بنية الإمامة في الجمعة.
وقال بعض العلماء بعدم وجوب النية، أي: عدم لزومها، بحيث لو لم ينو الإمامة صَحّ اقتداء المأموم به، وهذا مبنيٌ على مسألة وهي حمل الإمام عن المأموم، فمن يرى أن الإمام يحمل عن المأموم فإنه يقول: لا يصح حمل الإمام عن المأموم إلا بنية، فيجب على الإمام أن ينوي، وهذا يقوى على مذهب من يقول: إن المأموم لا يقرأ الفاتحة وراء الإمام، ويُقوِّي هذا، فكأنه يرى أن صلاة المأموم مبنية على صلاة الإمام، فحتى يقع هذا الحَمْل، وتقع هذه العبادة على الوجه المعتبر فإنه لا بد وأن ينوي، فلو ائتممت بإنسانٍ لم يعلم بك فإنه لا يصح هذا الائتمام، وبناءً على ذلك يقولون: تبطل الجماعة، ولا تقع صلاته جماعةً إذا لم ينو الإمام الجماعة.
وأما على مذهب من يقول: إن الإمام لا يَحمِل الفاتحة فالأمر أخف؛ لأنه لا يرى أركاناً تترتب على هذا، بخلاف ما إذا حَمَل عنه الفاتحة، فإنه يحمل ركناً من أركان الصلاة، ويرى أن صلاة المأموم مربوطة بصلاة الإمام بحكم الشرع، ولكن كونه ينوي الإمامة قالوا: يكون بتحصيل الفضيلة له، لكن لا يُحكم بإثمه ولزوم ذلك عليه.
والحقيقة أن الأقوى والذي ينبغي دائماً في مسائل الإمامة أن يُحتاط للناس، فينوي الإئمة ولو كان الأمر خلافياً، ولو ترجَّح عند الإنسان أنه لا ينوي فينبغي عليه أن ينوي حتى يصون صلاة الناس عن الخطأ، وكما ذكرناه غير مرة أن من آداب الإمامة مراعاة الخلاف، وقد نبه على هذا غير واحد من الأئمة، منهم الإمام الحافظ ابن عبد البر، وشيخ الإسلام ابن تيمية، والإمام ابن القيم، والحافظ ابن حجر، وأئمة العلم رحمة الله على الجميع، وذكروا أنه ينبغي على الإمام أن ينتبه للخلاف، فيُخرِج صلاة الناس من الشبه دائماً في الأمور اللازمة، فيحتاط لها حتى تقع صلاة الناس على وجهٍ معتبر، فهذا من النصح للعامة.