الناس المراد بهم المسلمون أو من لهم حرمة كالذميين، فالذمي له حرمة المسلم، لا يجوز الاعتداء على ماله ولا على دمه، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم:(ذمة المسلمين واحدة، يسعى بها أدناهم، وهم حرب على من سواهم).
فالكفار الذين يدخلون بلاد المسلمين بإذن من ولي الأمر أو من يقوم مقامه، أو دخل كافر بلاد المسلمين تحت أمان من امرأة مسلمة فإنه لا يجوز أن يتعرض له، وذمة هذه المرأة كذمة المسلمين جميعاً، ففي الصحيحين:(أن أم هانئ رضي الله عنها دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يغتسل، وفاطمة تستره بثوب يوم الفتح -فتح مكة-، فقال: من؟ قالت: أم هانئ، قال: مرحباً بـ أم هانئ فقالت: زعم أخي -وهو علي رضي الله عنه، وكانت قد أمنت أحد قرابتها من الكفار- أنه قاتل لرجل أمنته، فقال صلى الله عليه وسلم: قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ) فدخل في جوار النبي صلى الله عليه وسلم وأمانه، مع أن الذي أجارته امرأة.
ولذلك نص النبي عليه الصلاة والسلام على هذا المعنى، فقال:(ذمة المسلمين واحدة، يسعى بها أدناهم، وهم حرب على من سواهم).
وقتل الكافر المؤمَّن داخل بلاد المسلمين فيه وعيد شديد عن النبي صلى الله عليه وسلم ويخشى غضب الله عز وجل على صاحبه، وإعراضه عنه يوم القيامة والعياذ بالله؛ لأنه أخفر ذمة المسلمين، ولذلك لا يجوز أن يتعرض للذمي والمؤمَّن والمعاهد، فمن له ذمة من مسلم فذمة المسلمين واحدة كما نص النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك.
وقوله:[يتعرضون للناس] يشترط أن تكون للناس حرمة في دمائهم، وفي الأموال على اشتراط القطع في السرقة لابد أن يكون المال له حرمة على تفصيل عند العلماء رحمهم الله.
وقوله:[بالسلاح] أي: يكون هذا التعرض مصحوباً بالسلاح.
وقوله:[في الصحراء أو البنيان] هذا ظرف الجريمة (والبنيان) أي: داخل المدن، وعلى هذا: يرى المصنف رحمه الله وهو مذهب طائفة من أهل العلم أن الحرابة لا تختص بالصحراء، وقدم المصنف الصحراء لأنها محل إجماع، وقوله: أو البنيان؛ لأنها تابعة لذلك على الصحيح.
وقد بينا أن الاعتداء في البنيان أعظم من الاعتداء في الصحراء.