للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[كراهة وطء المرأة النفساء إذا طهرت قبل مرور الأربعين]

قال المصنف رحمه الله: [ويكره وطؤها قبل الأربعين بعد التطهير].

هذه المسألة فيها كلام للعلماء: بعض العلماء يقول: المرأة النفساء إذا طهرت قبل الأربعين لا توطأ، وهي إحدى الروايات عن الإمام أحمد رحمة الله عليه.

ومنهم من قال: إنه محمول على الكراهية.

ومن أهل العلم من قال: توطأ المرأة إذا انقطع دم نفاسها قبل الأربعين.

ولكن في الأمر علة خفية، يقول بعض الأطباء -وهذه فائدة، وأنا دائماً أقول: ينبغي لطلاب العلم ألا يقتصروا فقط على مسألة الأحكام، فلا مانع أن الإنسان يستفيد من بعض الأمور الطبية، وإذا جالس طبيباً خبيراً بمثل هذه الأشياء يستفيد منه- يقول بعض الأطباء: إن هذا يضر بالعضو، وأنه لا يرجع إلى طبيعته قبل الأربعين، ولذلك قالوا: إن الأفضل أن لا يحصل جماع، وهذا يدل على بعد نظر السلف الصالح رحمة الله عليهم في زمان كانت إمكانيات الطب قليلة، والعلوم الطبية قليلة، لكنهم كانوا لا تنزل بهم مسألة إلا رجعوا لأهل الفن والاختصاص فيها، فإن كانت مسألة طبية رجعوا إلى الأطباء واستفادوا منهم، وبعض العلماء يعلل فيقول: لخوف رجوع الدم، ويكون انقطاع الطهر عندها مؤقتاً ليوم أو يومين، وهذا يحدث، فإن المرأة تكون نفاساً ثم تطهر بعد عشرين يوماً، ثم في اليوم الحادي والعشرين لا ترى شيئاً وكذلك في اليوم الثاني والعشرين وفي الثالث والعشرين يعود عليها الدم، ولذلك قالوا: لا نأمن ما دام أنها داخل الأربعين أن دم النفاس يعود إليها بعد أن انقطع.

فتوسط المصنف رحمه الله وقال: (يكره)، وإذا ثبت كلام الأطباء من أنه قد يضر بالعضو؛ فيشتد المنع ويكون المنع آكد، لكن إذا لم يكن فيه ضرر فحينئذٍ يطأ الإنسان ولا حرج عليه، إلا أنه يستثنى الشخص الذي يخاف الوقوع في الحرام، فإن الناس تختلف شهواتهم، خاصة وأن الرجل قد حملت امرأته ومكثت زماناً منه، فلذلك قد يقع في المحظور، وقد لا يأمن الوقوع في الفتنة، وفي هذا الحال قالوا: له في ذلك سعة إذا خشي العنت.

<<  <  ج:
ص:  >  >>