[عدد مرات التكبير والتهليل والدعاء عند العلماء والسنة في حمد الله تعالى]
وللعلماء في الدعاء والاستفتاح وجهان: الوجه الأول: قال بعض العلماء: يستفتح بالتكبير مع التهليل ثم يدعو، ثم يرجع مرة ثانية يكبر ويهلل ويدعو، ثم يختم مرة ثالثة بالتكبير والتهليل ولا يدعو، فعلى هذا الوجه الأول: يكون التكبير تسع مرات، ثلاثاً في الأولى، والثانية ثلاثاً، والثالثة ثلاثاً، ثم التهليل ستاً؛ لأنه يكون في المرة الأولى التي استفتح فيها المسألة مرتين، وهما:(لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده.
إلخ)، فيكون التهليل ستاً، ويكون الدعاء مرتين، هذا هو أقوى الأوجه، وهو الذي يدل عليه حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما وأرضاهما، وهي السنة في الحج والعمرة، أن الإنسان إذا صعد على الصفا كبر الله ثلاثاً، ثم هلل بالمرتين اللتين ذكرناهما، ثم يدعوه، ثم يرجع فيكبر ويهلل، ثم يدعو، ثم يختم دعاءه بالتكبير والتهليل، فيكون دعاؤه مرتين، ويكون تكبيره تسعاً، وتهليله ست مرات، هذا هو أصح الأوجه عند العلماء.
الوجه الثاني: أن يبتدئ بالتكبير ثلاثاً مع التهليل مرتين ويدعو، ثم يكبر ويهلل ويدعو، ثم يكبر ويهلل ويدعو، فيكون التكبير تسعاً، والتهليل ستاً، والدعاء ثلاثاً، فالفرق بين هذه الصفة الثانية والصفة الأولى زيادة الدعاء، فكأنهم يرون أن هذا التكبير والتهليل والثناء على الله استفتاح للدعاء، وأصحاب القول الأول يرونه استفتاحاً وختماً للدعاء، وعلى هذا فإن الوجه الثاني يختاره جمع من العلماء -كما أشار إليه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله- ومنهم القاضي أبو يعلى، وأصح الأوجه ما ذكرنا.
وقد جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت الصحيح ذكر الحمد إجمالاً، ففيه:(أن النبي صلى الله عليه وسلم رقى على الصفا، فحمد الله بما هو أهله) وهذا -كما يقول العلماء- للعلماء فيه وجهان: فمنهم من يقول: هذا الحمد الذي اشتمل عليه حديث أبي هريرة رضي الله عنه هو الذي اشتمل عليه حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، وبناء عليه فإنه يسن أن يقتصر الإنسان على هذه الصفة الواردة في حديث جابر رضي الله عنه، وهذا يختاره بعض العلماء المحققين، منهم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، فيرى أن الحمد الوارد في حديث أبي هريرة محمول على التفصيل الوارد في حديث جابر.
وهناك وجه ثانٍ يقول: إنه يزيد الحمد لله إذا استفتح الدعاء؛ لأن السنة أن الداعي إذا استفتح دعاءه يستفتح بحمد الله.
ولكن الوجه الأول أقوى؛ لأن القاعدة في الأصول أن المجمل يحمل على المبين، فـ أبو هريرة رضي الله عنه أجمل، وأما جابر رضي الله عنه فإنه بين وفصل، فيحمل ما أجمله أبو هريرة على ما فصله جابر بن عبد الله رضي الله عن الجميع.
والسنة في هذا الدعاء -كما ذكرنا- أولاً: أن يستقبل البيت، وأن يكون واقفاً؛ تأسياً برسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا إذا كان كبير السن، أو عاجزاً، أو نحو ذلك ولا يستطيع الرقي، فلو أنه ركب ما يحمل فيه، فاستقبل البيت، أو اتجه إلى جهة البيت إذا لم يستطع رؤية البيت، فإنه حينئذٍ يمكنه أن يدعو وهو جالس، ولكن إذا أمكنه أن يقف فإنَّه يقف عند الدعاء تأسياً برسول الله صلى الله عليه وسلم.