يبقى النظر (التسمية): التسمية تفعيلة من اسم الله, فما هي التسمية؟ التسمية الكاملة هي:(بسم الله الرحمن الرحيم) ولكنها هنا: باسم الله, فيقف عند قوله باسم الله, ويكون معتبراً؛ لأن قوله:(لمن لم يذكر اسم الله)، أن المراد به اسم الله فقط, بدليل أن الله قال:{وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ}[الأنعام:١٢١] وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (باسم الله).
وبناءً على ذلك: فإن التسمية تكون باسم الله, واختلف العلماء هل يحل غير لفظ الجلالة محله، كأن يقول: باسم الرحمن, أو باسم الرحيم, أو باسم الملك, أو باسم القدوس, أو باسم العزيز؟ الصحيح: أنه ينبغي الاقتصار في الأذكار على الوارد دون تغيير ولا تبديل ولا يجتهد فيها, فكما قال:(لمن لم يذكر اسم الله) فإنه يؤتى باسم الله ولفظ الجلالة؛ وذلك لشرف هذا الاسم وفضله على سائر الأسماء وقد قال بعض العلماء في قوله تعالى:{هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا}[مريم:٦٥] قيل: هل بمعنى: (لا)، أي: لا تعلم له سمياً, قيل: أي: اسم الله، فإن اسم الله لم يتسم به أحد, وهذا لشرفه، حتى قال طائفة من العلماء: إنه هو الاسم الأعظم الذي إذا سأل العبد به ربه حاجة خالصة من قلبه استجاب دعاءه؛ ولذلك يقتصر على هذا الاسم بعينه وهو قوله: باسم الله، ولا يؤذن في قول: باسم الرحيم ولا باسم الرحمن.
أما قوله:(في الوضوء) ليست الظرفية على ظاهرها، أي: ليس مراده في داخل الوضوء, وإنما قوله:(يجب التسمية في الوضوء) بمعنى: أن يبتدئ عبادة الوضوء، بذكر اسم الله عز وجل.
وقال بعض العلماء: تذكر التسمية عند أول فرض, فإن كان مستيقظاً من نومه كانت اليد، فيقولها قبل غسل الكفين, وإن كان مستيقظاً -يعني: أثناء النهار- قالوا: يسمي الله عز وجل عند المضمضة والاستنشاق على القول بوجوبها, أو عند غسل الوجه على القول بعدم وجوب المضمضة والاستنشاق, والأكمل أن الإنسان يسمي عند ابتداء الوضوء.