لم أفهم كيفية وقوع ربا الفضل والنسيئة في المزارعة، فأرجو التوضيح أثابكم الله؟
الجواب
ثبت في الحديث الصحيح من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والتمر بالتمر، والشعير بالشعير، والملح بالملح، مثلاً بمثل، يد بيد، وفي رواية: سواء بسواء، فمن زاد أو ازداد فقد أربى) وفي بعض الروايات: (فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد) هذا الحديث أصل وقلنا: إنه أجمع الأحاديث في حصر الربويات، فدل على أن المطعومات الأربعة التي ذكرها يجب فيها التماثل والتقابض إذا اتحدت.
فإذا باع براً ببر أو شعيراً بشعير أو ملحاً بملح أو تمراً بتمر، فيجب التماثل صاعاً بصاع، والتقابض بأن يعطي بيد ويأخذ بيد، أو يتقابضان في المجلس قبل أن يفترقا، فهذا ليس فيه إشكال.
فإذاً: إذا كنا قد فهمنا من السنة أن البر بالبر يداً بيد مثلاً بمثل فلو قال له: أعطني أرضك أزرعها براً وأعطيك مائة صاع بر الآن فصار كأنه اشترى البر أو عاوض البر الذي سيأخذه من الأرض زراعة بالبر الذي نجزه، فقابل الطعام بالطعام نسيئة؛ لأنه يعطيه الآن على أن يأخذ نتاج الأرض بعده فصار نسيئة، ثم إذا خرج الخارج من الأرض على ثلاثة أحوال إما أن يماثل المائة صاع التي دفعها فحينئذ لا يقع ربا الفضل، وإما أن يكون أكثر فربا الفضل، وإما أن يكون أقل فربا الفضل، فإذاً لا يمكن أن يستأجر للبر مزرعة يزرعها براً ولا يمكن أن يستأجر بالأرز مزرعة يزرعها أرزاً، هذا إذا كانا اتحدا.
أما لو اختلفا فقال له: أعطني أرضك أزرعها وأعطيك مائة صاع من التمر ثم زرعها أرزاً، فالتمر والأرز مختلف الصنف، فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول:(إذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كانت يداً بيد) فيكون قد أعطى مائة صاع من التمر في العقد ثم يستلم المقابل بعد ذلك كما يكون من نتاج الأرض مزارعة، براً وهذا هو وجه المنع فيها.