[متى يؤمر الصبي بالصلاة ويضرب عليها]
قال رحمه الله تعالى: [ويؤمر بها صغير لسبع، ويضرب عليها لعشر].
هذا هو ظاهر السنة للحديث الذي أخرجه أحمد وأبو داود وهو حديث صحيح: (مروا أولادكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر، وفرقوا بينهم في المضاجع) فاشتمل هذا الحديث على ثلاثة أحكام: أولها: أمرهم بالصلاة لسبع، ولا يضربون إذا تركوها ولم يصلوا، والثاني: إذا بلغوا العاشرة يؤمرون بالصلاة ويضربون عليها إن لم يصلوا.
والثالث: التفريق بين الذكر والأنثى في المضجع، وكلام المصنف موافق لظاهر السنة.
وقوله عليه الصلاة والسلام: (مروا أولادكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر) للعلماء وجهان في قوله: (لسبع) وقوله: (لعشر): قال بعض العلماء: يؤمر في السبع عند ابتدائها، ويؤمر بالضرب إن عصى في العشر عند ابتدائها.
وقال بعضهم: يؤمر في السبع عند تمامها، ويؤمر ويضرب إن عصى في العشر عند تمامها.
والفرق بين القولين أنه على القول بأنه يؤمر بالسبع عند ابتدائها يؤمر بعد السادسة ودخوله في أول السابعة، فلو بلغ ست سنوات يؤمر في اليوم الذي هو زائدٌ على الست؛ لأنه بهذا اليوم قد دخل في السابعة، وهكذا في العشر تضربه إذا بلغ تسعاً وزاد يوماً واحداً، فبدخوله اليوم الواحد يدخل في العشر.
وعلى القول الثاني إنما يؤمر بعد تمام السبع أو يؤمر ويضرب إن عصى بعد تمام العشر، وهذا أقوى؛ لأن الأصل عدم أمره وعدم ضربه؛ لأنه غير مكلف في الأصل، فإذا شككنا فهذا ينبني على مسألة أصولية عند العلماء أو قاعدة فقهية لطيفة وهي: (هل العبرة بالابتداء، أو بالتمام والكمال)؟ فإن قلت: العبرة بالابتداء تقول: لأول يومٍ من السبع ولأول يومٍ من العشر، وإن قلت: العبرة بالتمام والكمال تقول: إذا تمت له السبع أو تمت له العشر.
قال رحمه الله تعالى: [فإن بلغ في أثنائها أو بعدها في وقتها أعاد].
أي: إذا بلغ الصبي أثناء فعله للصلاة، كما لو أن صبياً دخل في الصلاة وأحرم بها الصلاة وهو غير بالغ، ثم بلغ وهو في أثناء وقت الصلاة، زالت الشمس وليست عليه أمارة بلوغه، ثم لما مضت ساعة أو ساعتان احتلم، فباحتلامه دخل في التكليف، فيؤمر بفعل الصلاة وإن كان عند دخول الوقت غير مكلف بها، وهكذا بالنسبة للمرأة الحائض والنفساء، فإنها لو طهرت قبل انتهاء الوقت ولو بركعة واحدة فإنها تؤمر بفعل الصلاة، وهذا مبنيٌ على حديث مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أدرك ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الفجر، ومن أدرك ركعة قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر) فدل على أن إدراك الوقت ولو بركعة واحدة يوجب الحكم والمطالبة بالفعل.
فلو أن هذا الصبي صلى صلاة الظهر وهو صبي، ثم نام واحتلم قبل دخول وقت العصر، فحينئذٍ تأكدنا بلوغه بعد الاحتلام، فتكون صلاته الأولى غير مجزية، ويطالب بأداء الصلاة في وقتها؛ لأن الخطاب توجه عليه بعد البلوغ والاحتلام.