سائل يشكو من عدم اهتمام أهله بالصلاة رغم ما أسداه إليهم من النصيحة، فما توجيهكم نحو هذا؟
الجواب
الصلاة عماد الدين، ومن حرمه الله الصلاة فقد حرمه الخير، وما سميت صلاة إلا لأنها صلة بين العبد وربه، وما ذكر الله شرائع الإسلام وقواعده العظام إلا استفتحها بشهادة الإسلام ثم أتبعها بإقامة الصلاة التي هي عمود الإسلام، ولا قيام للبناء إلا بعموده.
ولقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على تعظيم أمرها وشأنها، حتى أخبر صلى الله عليه وسلم أن أول ما يحاسب عليه العبد بين يدي الله الصلاة، وقال:(استقيموا ولن تحصوا، واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة) وقوله: (خير أعمالكم الصلاة) دليل ظاهر على عظيم شأنها وعلو مرتبتها عند الله عز وجل.
بل إن النصوص دلت على ما هو أعظم من ذلك، وهو بيانه عليه الصلاة والسلام أن العبد قد يضيعه الله عز وجل بإضاعة الصلاة، ففي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(ما من مسلم تحضره الصلاة فيتم طهورها وركوعها وسجودها وخشوعها إلا صعدت وعليها نور، ففتحت لها أبواب السماء، حتى تنتهي إلى ما شاء الله أن تنتهي إليه، تشفع لصاحبها وتقول: حفظك الله كما حفظتني، ومن ضيع حقوق الصلاة فإنها تلف كما يلف الثوب الخلق، ويضرب بها وجه صاحبها، وتقول: ضيعك الله كما ضيعتني).
وكان بعض العلماء يقول: قد تمر عليَّ النكبة في اليوم فأخشى أنني أضعت في الصلاة خشوعاً أو أمراً من حقوقها فدعت علي.
لأنها تقول:(ضيعك الله كما ضيعتني) فكم من عبد محفوظ حفظه الله بصلاته! وكم من عبد مضيع ضيعه الله بإضاعة الصلاة! أقول هذا حتى تحرص على هدايتهم، وتستنفذ كل الوسائل لدعوتهم على المحافظة على الصلاة، واستدم دعاء الله أن يهدي قلوبهم، وخذ بالأسباب التي تعينهم على حب الصلاة، ورغبهم فيها، وذكرهم وبصرهم بما عند الله من المثوبة لمن أقامها والعقوبة لمن ضيعها، ولا تيأس ولا تعجز، فإنه لا يزال لك من الله معين وظهير ما دعوت إلى الله، ولا تزال في البيت على خير، فخير الناس في بيته وأهله من أمرهم بما أمر الله ونهاهم عما نهى الله عنه، ولا خير في العبد إلا إذا أقام حق الله وأمر بما أمر الله به.
فأمرهم بما أمر الله، وانههم عما نهى الله عنه، ولا تيأس، فلعل الله سبحانه وتعالى أن يقر عينك يوماً من الأيام بهدايتهم، ونسأل الله العظيم بمنه وكرمه أن يجعل ذلك عاجلاً لا آجلاً.
ونسأله تعالى أن يمن علينا وعلى المسلمين بإقام الصلاة، وأن يجعلنا من أهلها المحافظين عليها المتمين لركوعها وسجودها وخشوعها، إنه ولي ذلك والقادر عليه.