قوله:(الإحرام من الميقات) أي: أنه يجب على من أراد الحج والعمرة أن يحرم من ميقاته، فإن كان آفاقياً نظر إلى ميقات موضعه الذي أنشأ فيه نية الحج، فإن كان في المدينة مثلاً فإنه يجب عليه الإحرام من ذي الحليفة، وكذلك إذا جاء من جهة المغرب فإنه يحرم من الجحفة، وإذا جاء من جهة المشرق فإنه يجب عليه أن يحرم من ميقات المشرق وهكذا، أي: على التفصيل الذي تقدم بيانه في باب المواقيت، وعلى هذا فإنه يعتبر الإحرام من الميقات من واجبات الحج، وهذا الواجب إذا لم يقم الحاج به على وجهه وأخلّ به، فإنه يلزمه الدم كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى.
قوله:(المعتبر له) فلو كان في موضع غير موضعه الأصلي، وطرأ له الإحرام بالحج من ذلك الموضع، أخذ حكم أهله، وهذا معنى قوله:(المعتبر له) أي: على حسب التفصيل الذي تقدم فكلٌ يلتزم بميقاته، وإذا لم يلتزم به فقد أخلّ بواجب من واجبات الحج.
أما الدليل على هذا الواجب الأول فقوله عليه الصلاة والسلام في المواقيت:(هن لهن ولمن أتى عليهن) فقوله: (هن لهن) أي: يلزمهم الإحرام من هذه المواقيت، فدل على وجوبها ولزوم التقيد بها من أهلها، وأنه يجب على من مر بها من غير أهلها أن يحرم منها، هذا هو الدليل الذي اعتبره جماهير أهل العلم رحمهم الله، وقد نص العلماء رحمهم الله في المذاهب الأربعة: على أن الإحرام من الميقات يعتبر واجباً من واجبات الحج.