قال العلماء رحمهم الله: إن الإجماع منعقد من حيث الجملة على أن من استثنى استثناءً صحيحاً مستوفياً للشروط الشرعية أنه يحكم له بالاستثناء ويعتد به؛ لأن الله سبحانه وتعالى عبر في كتابه المبين بالاستثناء، وثبتت السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه استثنى، وجعل استخدام هذا الأسلوب العربي موجباً لمخالفة الحكم للمستثنى من المستثنى منه.
وعلى هذا قالوا: إن من استثنى استثناءً شرعياً، أي: مستوفياً للشروط المعتبرة شرعاً، حُكِم باستثنائه، ففي الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:(إن الله حرّم مكة، فلا يعضد شوكها ولا يختلى خلاها ولا تلتقط لقطتها إلا لمعرفٍ، قال العباس رضي الله عنه وأرضاه: يا رسول الله! إلا الإذخر، فإنه لقينهم ولبيوتهم، قال صلى الله عليه وسلم: إلا الإذخر)، فدل على أن الاستثناء له تأثير، وقد جاءت بذلك نصوص الكتاب، فإن الله تعالى جعل الاستثناء مؤثراً في العدد فقال سبحانه:{فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا}[العنكبوت:١٤]، فكأنه قال: لبث فيهم تسعمائة وخمسين عاماً، فدل على أن الاستثناء يؤثر في الأعداد.
وعلى هذا قالوا: كما أن الاستثناء يؤثر في الأعداد فقد ثبت النص بأن الاستثناء يؤثر في الأشخاص الموصوفين كما في قوله تعالى: {إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ}[الحجر:٤٠]، فاستثنى عباد الله المخلصين، وهذا يدل على أن الاستثناء يقع في الأعداد ويقع في الأشخاص، وبناءً عليه، فمن طلق بعددٍ واستثنى فإنه يصح استثناؤه، ومن طلق نساءً واستثنى صح استثناؤه، ولكن إذا استوفى الشروط.