[عدم اعتبار وضع الحمل في العدة إذا كان الزوج لا يولد لمثله]
قال رحمه الله:[فإن لم يلحقه لصغره أو لكونه ممسوحاً، أو ولدته لدون ستة أشهر منذ نكحها ونحوه وعاش لم تنقض به].
إذا طلق الزوج امرأته وكانت حاملاً فإما أن يكون ممن يولد لمثله، وإما أن يكون ممن لا يولد لمثله، فإن كان ممن يولد لمثله فالولد للفراش؛ لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكل من طلق امرأته بعد الدخول وهي حامل نقول لها: عدتك وضع الحمل، وأما إذا كان قد طلقها وتبين فيها الحمل وهو ممن لا يولد لمثله ويتعذر منه الحمل مثل: الصغير ومثل: ممسوح الآلة الذي ليس لديه عضو، فحينئذٍ يحكم بعدم الاعتداد بهذا الحمل.
(لم تنقض به) يعني: لو حملت ووضعت فالحمل ليس منه، وحينئذٍ لا تعتد بهذا الحمل، وبعد انتهاء حملها تعتد كعادتها من الأقراء، لأن هذا الحمل فيه شبهة الزنا بأن يكون من غيره كما لو اعتدي عليها فأكرهت على الزنا والعياذ بالله، أو وطئها أحد وهي نائمة، ففي هذه الحالة لا يحكم بكون الحمل مؤثراً في العدة.
ومراد المصنف أن يقول: الأصل أن الحامل تخرج من عدتها بوضع الحمل، لكن يشترط أن يكون الحمل للرجل الذي تعتد من طلاقه، فإذا كان الحمل من غيره فلا.
كيف يكون الحمل من غيره؟ إذا تبينا أن مثله لا يحمّل كالصبي، ومثل من كان ممسوح الآلة، فإنه في مثل هذا الحالة تبقى حتى تضع حملها ثم تستأنف عدتها من طلاقها.
(أو ولدت لدون ستة أشهر منذ نكحها).
بينا أن العلماء رحمهم الله اختلفوا في أقل مدة الحمل، فإذا كان الذي دلت عليه النصوص أنه لا يمكن أن يكون الحمل قبل ستة أشهر؛ وذلك لأن الله تعالى يقول:{وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا}[الأحقاف:١٥]، فبين أن مدة الحمل ومدة الرضاع هي ثلاثون شهر، والثلاثون شهراً إذا فصلت منها مدة الرضاع بقيت مدة الحمل، ومدة الرضاع أربع وعشرون شهراً أي: سنتان؛ لقوله تعالى:{وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ}[البقرة:٢٣٣] فبقيت من الثلاثين ستة أشهر، فأصبحت الستة أشهر هي أقل مدة الحمل، فإذا وضعت الولد في أقل منها حينئذٍ لا ينسب له، ولا يعتد بهذا الحمل في خروج المرأة من عدتها إذا أخرجته.