قال رحمه الله:[ولا يصح بيع المسلم فيه قبل قبضه] إذا تمت هذه الشروط المعتبرة للسلم، فاعلم رحمك الله أنه يترتب عليها أحكام، ومن أحكام السلم أنه لا يجوز لمن عَقَد عَقْد السلم أن يبيع الشيء الذي اتفق عليه وأسلم من أجله قبل أن يقبضه، فلو أن رجلاً اشترى سيارةً سلماً بمائة ألف من الوكالة، ثم قال له رجل: هذه السيارة أرغبها هل تبيعها لي؟ فنقول: لا يجوز أن يبيعها قبل قبضها، وهكذا لو اشترى تمراً أو براً أو غير ذلك من المبيعات، لكن ما الدليل على أنه لا يصح أن يبيع؟ نقول: إن كان السلم وقع على طعام فإننا نقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (نهى عن بيع الطعام قبل قبضه)، وقد قال ابن عباس رضي الله عنهما:(أرى غير الطعام كالطعام)، وإن كان غير طعام، وقلت: النص خاص بالطعام، نقول: إنه قد ربح ما لم يضمن، فإذا اشتريت سيارةً من وكالة بعشرة آلاف إلى نهاية رمضان هذه السنة، وبعتها بأحد عشر ألفاً أو بعتها باثني عشر ألفاً أو بعتها بثلاثة عشر ألفاً، فمعنى ذلك أنك قد بعت شيئاً وربحت فيه قبل أن يكون في ضمانك، وهذا بيناه في مسألة: ربح ما لم يضمن، فتعلمون أن السيارة الآن لو تلفت فإنها تتلف على ضمان البائع الذي هو الوكالة، فلا يصح في الشريعة أن يتحمل غيرك مسئولية السلعة وأنت تأخذ الربح والنتاج، فانظروا إلى عدل الله عز وجل بين عباده، فلا يصح أن تتحمل الوكالة مسئولية هذه السيارة وحفظها وصيانتها والقيام عليها وتكون مسئولةً عنها، وأنت الذي تربح وتغنم، هذا شيء من الأنانية، ولذلك لا تجيز الشريعة أن تأخذ ربح شيء لم تضمنه، لكن تتحمل مسئوليته وضمانه وتأخذ ربحه ونتاجه، وعلى هذا: لا يصح أن تبيع السيارة قبل قبضها، ولا يصح أيضاً أن تبيع الطعام قبل قبضه، ولا يصح أن تبيع القماش إذا أسلمت فيه قبل قبضه، وهكذا الحديد والنحاس والرصاص وغيرها من سائر المبيعات لابد أن تقبض أولاً، ثم بعد قبضه بع وتصرف، ولأنه لا ينتقل إلى ملكيتك إلا بالقبض فاشترط القبض لصحة التصرف فيه.