وقوله:(ومن أكرَه) لا بد من تحقق شروط الإكراه وهي: أولاً: أن يكون الشخص الذي يهدد قادراً على تنفيذ ما هدد به.
ثانياً: أن يكون الذي هدد به فيه ضرر كالقتل هنا، فيقول له: إن لم تقتل أقتلك.
ثالثاً: أن يغلب على ظن المكرَه أن الشخص الذي هدده صادقٌ في قوله، وعازمٌ على ما وعده من تنفيذ وعده ووعيده، فإذا كان الشخص يعرف فيه اللعب وعدم الصدق، ويعرف فيه المبالغة في الأشياء؛ فهذا مثله لا يعتد بقوله؛ لأنه يغلب على ظنه أنه لا ينفذ، فلا يكون مكرهاً إلا إذا غلب على ظنه أنه ينفذ.
رابعاً: أن يكون الشخص الذي هدد وأُكرِه -المأمور- لا مندوحة عنده، وليس عنده طريقة يستنجد بها، أو ليس عنده طريقة أن يفر أو يستغيث بالغير.
والحقيقة أنه في زماننا قد يُكْرَه الشخص وقد يهدد دون أن يكون بالصور القديمة، بحيث يقال له: لم تقتل فلاناً في حدود الساعة العاشرة -مثلاً- نقتلك، فهذا له حكم الإكراه، لكن نفس المسألة نحن نقول: عند من يقول: إن الإكراه يسقط القصاص لا إشكال، فيصير إذا هدد بهذه الحالة والطريقة فهو مكره ويسقط القصاص، لكن نحن نقول: إن الإكراه لا يسقط القصاص؛ لعصمة النفس المقتولة، والشخص الذي نفذ ما هدد به ليس بمكره حقيقة؛ لأنه لم يطلب منه ما هو أقل مما هدد به، ولذلك يقتص منهما معاً.