قال:[فما ربحا فبينهما]: (فما ربحا): أي: إذا أخذت العين بالجاه وعلى الذمة، وبيعت بفضل وربح، فإنها بينهما على ما اتفقا عليه، إن كانت مناصفةً فمناصفة، وإن كانت أثلاثاً فأثلاثاً.
لكن مثل ما ذكرنا في شركة المضاربة نذكر في شركة الوجوه، أنك لا تقسم ربح شركة الوجوه إلا بعد رد الدين لصاحبه، فإذا بيعت العمارة بمليونين، وقد اشتريت بمليون، لا تقسم المليون الثانية إلا بعد رد الدين كاملاً لصاحبه، لاحتمال -مثلاً- أن يحصل مماطلة أو يحصل ضرر على أحد الشريكين.
فلذلك يرد المال، والربح الزائد وهو المليون يقسم بينهما.
وهكذا بالنسبة لتصفية رأس المال، لو أنهما -مثلاً- اشتريا العمارة بمليون، وهذه العمارة حينما اشترياها بمليون أجراها سنةً كاملة، فالمعلوم أنهما اشتريا العمارة نسيئةً وديناً، وخُذْها قاعدة: في شركة الوجوه لا يباع بالنقد غالباً، إنما يباع بالدين؛ ولذلك دخلت الذمة؛ لأن عقدها قائم على الدين، فإذا اشتريا أرضاً أو عمارةً أو سيارةً غالباً يشتريان إلى أجل، بعد سنة أو سنتين أو ثلاث سنوات على حسب ما يريانه من المصلحة للشركة، فإذا اتفقا على شراء العمارة بمليونين، وتسدد بعد سنتين، فخلال السنتين اشتريا العمارة وقاما بتأجير العمارة خلال السنتين، ثم بيعت بعد السنتين، فأجرت خلال السنتين بمليون، وبيعت بعد السنتين برأس مالها المليون، فتُرَد المليون إلى صاحب العمارة، ثم تقسم المليون الفاضلة على ما اتفقا عليه؛ لكن لا تقسم إلا بعد دفع الحقوق، فلو كان على العمارة حقوق من فواتير كهرباء وماء كلفت قرابة مائتي ألف، فإنها تكون من الربح، ويُخصم من المليون مائتي ألف للفواتير، ولو أن هذه العمارة أجر أشخاص لتنظيفها ورعايتها ونحو ذلك، فإننا ندفع قيمة أجرتهم من الربح، فإذا تم تصفية الحقوق الواجبة على الشريكين ورد رأس المال إلى أصحابه فبعد ذلك يقسم الربح، مثل ما ذكرنا في المضاربة، وعلى هذا فيمكن جعل المناسبة بين شركة الوجوه والمضاربة من ناحية التنضيض، يعني: لا يكون القسم ولا يكون تمييز الربح وإعطاء كل ذي حق حقه من الربح إلا بعد رد رأس المال وأيضاً معرفة الحقوق الواجبة على الشركة وسدادها والوفاء بها.
قال رحمه الله:[وكل واحد منهما وكيلُ صاحبه وكفيل عنه بالثمن]: كل واحد منهما وكيل عن صاحبه وكفيل عنه بالثمن، بأي شيء يشترى؟ فكل منهما يشتري أصالةً عن نفسه، ووكالةً عن صاحبه، وهو كفيل يغرم عن صاحبه.
كفيل في حالة ما إذا أعطاه صاحب المال الذي لا يعرف صاحبه، فإن الشريك يكون كافلاً لصاحبه، وكذلك لو أخذ الآخر مالاً بجاهه، فهو وكيل في الأخذ عن صاحبه، وكفيل له إذا لم يسدد.
قال:[والملك: بينهما على ما شرطاه]: أي: يكون أرباعاً أو أثلاثاً أو مناصفة، ًً على ما اتفقا عليه.