[حكم قتل الحيوان المستأنس إذا بقي على حاله وإذا شرد]
قوله رحمه الله:[ولا يحرم حيوان إنسي].
أي: كبقر وغنم، وقد تقدم إن الحيوان ينقسم إلى قسمين: إما متوحش فصيد، وإما مستأنس فحلال، لكن المستأنس من الإبل والبقر والغنم قد يخرج عن كونه مستأنساً إلى كونه متوحشاً، كما لو ندَّ البعير وكما لو شردت الشاة؛ فهو وإن كان مستأنساً في الأصل لكنه قد صار متوحشاً في الصورة، فهل هذا المستأنس إذا خرج إلى صورة المتوحش يعامل معاملة الصيد، أو لا؟ للعلماء قولان: القول الأول للجمهور: أن الحيوانات المستأنسة كالإبل والبقر والغنم والدجاج والحمام، لو فرّت وندت عن الإنسان عاملها معاملة الصيد، وإذا ضربها في أي مكان وقتلها فهي حلال، هذا مذهب جمهور العلماء، واستدلوا بحديث رافع رضي الله عنه وهو ثابت في الصحيح:(أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في سفر فندّ بعير -أي: شرد- فرمى رجل بسهم فعقره، فقال صلى الله عليه وسلم: إن لهذه الحيوانات أوابد كأوابد الوحش، فما ندّ منها فاصنعوا به هكذا)، فجعل المستأنس معاملاً معاملة الصيد والمتوحش بالنفور، قالوا: فإذا نفرت الشاة أو الدجاجة أو الأرنب أو البعير جاز لك أن تعامله معاملة الصيد، وعلى هذا: فلو إن إنساناً كانت عنده شاة ثم فرت فحينئذٍ لا يجوز له أن يعقرها؛ لأنه إذا عقرها كان صائداً لها.
وقال فقهاء المالكية: المستأنس إذا توحش يبقى مستأنساً ويعامل معاملة المستأنس، وعلى هذا القول يجوز أن يعقر هذه الشاة وأن يحبسها.
والقول الأول: أن المستأنس إذا ندّ وتوحش كان له حكم الصيد هو الصحيح؛ لأن المتوحش إذا أمسك به وقدر عليه الممسك صار في حكم المستأنس، ألا ترى أنك لو أمسكت بحمار وحش أو بقر وحش لم يجز أن تعقره وإنما تذكيه الذكاة الشرعية، فدل على أنه ينتقل من صفة المتوحش إلى صفة المستأنس باختلاف الصورة، وعلى هذا فإن الحيوان إذا ندّ وفر وهو مستأنس عومل معاملة المتوحش، فلا يحل للمحرم أن يعقره ولا أن يصيده.