للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[حكم إخراج القيمة في الزكاة]

السؤال

أثابكم الله فضيلة الشيخ، إذا بلغ النصاب أربعين شاة، فهل يصح أن أخرج قيمة الشاة نقداً بدلاً من الشاة؟

الجواب

هذه المسألة للعلماء فيها قولان: هل يجوز إخراج النقد بدل هذه التي سمّى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأسنان؟ الجمهور على أنه لا يجوز؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم حدّد هذه الأسنان وعيّن من نفس الإبل والبقر والغنم، وقال الإمام أبو حنيفة رحمة الله عليه: يجوز؛ لأن معاذاً رضي الله عنه قال لأهل اليمن: (ائتوني بخميص أو لبيس فإنه أرفق لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم)، قالوا: فأخذ العِدل أو أخذ المِثل من الثياب بدل العين الواجب في الزكاة، وهذا أصل للإمام أبي حنيفة رحمة الله عليه، يطرِدُه، بمعنى يجعله مطّرِداً، فيقول -مثلاً- في زكاة الفطر: يجوز أن تخرج بدلها النقود ونحوها من الكفارات.

والصحيح: مذهب الجمهور أنه لا يجوز الإخراج إلا مما سمّى النبي صلى الله عليه وسلم وعيّن، والسبب في ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم حدّد هذا وأقّته، وما حدّده الشرع لا يجزي إلا بعينه، ولأن المال النقد يأخذه المحتاج وغير المحتاج، وأما الطعام فلا يأخذه إلا المحتاج ولا يأخذه إلا الفقير، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين من بعده كان الذهب والفضة موجوداً في زمانهم، ومع ذلك ما أخرجوا زكاة الفطر من ذهب ولا فضة، وبناءً عليه فلا يجوز إخراج القيم؛ لا في الأعيان التي ذكرت في الزكوات، ولا في غيرها من الزكوات كزكاة الفطر ونحوها، وإنما يجب الإخراج على النحو الذي سماه الشرع، إن كان طعاماً فطعام، وإن كان إبلاً فإبل، وإن كان بقراً فبقر، وإن كان غنماً فغنم، وأما ما استدل به رحمه الله من حديث معاذ، فيجاب عنه بأن الحديث ورد في الجزية، والجزية يجوز الانتقال فيها إلى المثل والبدل، بخلاف الزكوات، فإن الزكاة سمّيت وحُددت، فوجب عين المسمى والمحدد.

والله تعالى أعلم.

<<  <  ج:
ص:  >  >>