الحالة الثالثة: أن يكون الآمر سلطاناً معروفاً بالعدل
وقوله:(أو أمر به السلطان ظلماً من لا يعرف ظلمه فيه).
كالقاضي يكون عنده سياف، فقال له: خذ فلاناً واقتله.
فإذا عُرف الوالي أو السلطان أو القاضي بالعدل، وعَرف المأمور منه العدل، وأنه لا يظلم، فهذا عذر به جمهور العلماء رحمهم الله؛ لأن الغالب كالمحقق، فلما كان غالبه العدل والإنصاف، وعرف منه العدل؛ فإن مثله يعذر، أما لو كان معروفاً بالعكس فلا يعذر، لكن الإشكال في الشخص الذي يعلم أنه أمر بقتله ظلماً؛ ولذلك قال:(لا يعرف)، فكون المأمور جاهلاً بظلم الآمر، سواء كان قاضياً أو سلطاناً أو غيره، فيعذر، وأما إذا كان عالماً؛ فاختار طائفة من العلماء أن القصاص على المأمور دون الآمر، ما لم يكن الآمر قد أثر عليه وضغطه على وجه يرتقي به إلى الإكراه، فحينئذٍ القصاص على الآمر والمأمور.
قال المصنف رحمه الله:(فالقود أو الدية على الآمر)، أي: في هذه الحالة القود أو الدية على الآمر؛ لأن المأمور جاهل بظلم الآمر، أو غير مكلف، أو يجهل تحريم القتل، وكلها أعذار موجبة لسقوط القصاص عنه.