إذا فرّطَ العامل وتلِفت الثمرة، أو تلِفت بآفة سماوية، فما الحكم أثابكم الله؟
الجواب
باسم الله، الحمد لله، والصلاة والسلام على خير خلق الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد: فإن العامل كما نص العلماء في المساقاة أمين، وبناءً على ذلك لا يضمن إلا إذا فرَّط، فإذا فرَّط في الثمرة فإنه يضمن.
مثال ذلك إذا تشقق النخل أَطْلَع وبدا الطّلْع فيه، هناك نخل يحتاج إلى أن تبكير في تأبيره، ونخل يحتاج إلى تأخير، فهناك أنواع بمجرد ما يخرج الكوز على النخلة حتى ولو لم يتشقق تأتي وتشقه وتؤبره، وهذا ما يُسمى بالشرِه من النخل، وإذا لم تفعل ذلك فانتظرت إلى أن تتشقق تخرج الثمرة صغيرة، ولربما لا تخرج الثمرة.
والعكس فهناك نوع آخر ينتظر حتى يتشقق، ثم ينقسم إلى أنواع، فمنه نوع بمجرد ما يتشقق تؤبره، ومنه ما تنتظره يومين، ومنه ما تنتظره ثلاثة أيام، ومنه ما تنتظره أربعة أيام، ومنه ما لا يقبل التأبير أصلاً، بل تؤبره الريح بقدرة الله عز وجل.
وكل هذا يدل على الوحدانية، ولذلك يقولون: إن من أعظم الأدلة التي تدمغ الطبيعيين الذين يقولون إن الحياة طبيعية، ولا إله، وكل شيء وُجِد هكذا طبيعةً، هو هذا الاختلاف، فاختلاف الأشياء يدل على وجود من وضعها بهذا الترتيب، إذ لو كانت النخل تثمر من نفسها، والثمرة تخرج من نفسها لكانت على وتيرة واحدة، ولكن كون بعضها يحتاج إلى تبريد وبعضها إلى استعجال وبعضها يحتاج إلى وبَار كثير وبعضها يحتاج إلى وبارٍ قليل وبعضها يحتاج إلى وبارٍ بين بين، فإنه يدل على أن هناك قدرة إلهية، فخلق كل شيء وأتقنه، {صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ}[النمل:٨٨]، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أنه أحسن الخالقين، وتبارك الله رب العالمين.
ولذلك عند التساهل والتفريط يضمن العامل، فلو كان يعلم أن هذا النوع -مثلاً- يحتاج إلى تبكير في التأبير، فمثلاً الروثانة تحتاج إلى تبريد ثلاثة أيام، فأخّرها إلى سبعة أيام، فهذا قد يفسد الثمرة، فيضمَن.
كذلك أيضاً هناك انواع كالخشيمي يحتاج إلى مبادرة، فهذا النوع لو تأخر وتركه يوماً أو يومين أو ثلاثة فإنه يفسُد.
فالشاهد أن كل نوع له حاله وحكمه، فإذا قصَّر العامل ضمن، ولا يمكن أن نحكم بتقصير العامل إلا بشهادة أهل الخبرة، فإذا قال أهل الخبرة بأن هذا النخل يُبَكَّر وما بكَّر، وهذا يحتاج إلى تأخير ولكن العامل عجّل ونحو ذلك؛ فإنه يضمن ويتحمل المسئولية، هذا إذا كان عمل العامل بتفريط.
أما لو تلِفت بآفة سماوية فمذهب بعض العلماء أنها تنفسخ وليس له شيء، والله تعالى أعلم.