إذا أرسل رجل ولداً صغيراً يشتري شيئاً، وفي الطريق نهشته حية فمات، فماذا يترتب على هذا الرجل من الأحكام، أثابكم الله؟
الجواب
هذا فيه تفصيل: فإذا كان الموضع الذي أرسله إليه فيه حيات وفيه هوام، فلا شك أنه غرر به، وتكون سببية قوية مفضية للهلاك، وأما إذا كان الموضع لا توجد فيه الحيات، فهذا صادف قدراً وسببية ضعيفة، والمباشرة هي القاتلة، ومن أهل العلم من قوى السببية.
وبناءً على ذلك فإن قال: تعمدت، ففي الصورة الأولى حينما كان الموضع فيه حيات، فعند العلماء تفصيل في مسألة الحية، إذا أرسل شخصاً إلى موضع فيه حية أو عقرب سام أو سبع قاتل، والحية والعقرب يشترط أن تكون سامة، يقتل سمها، فإذا أرسله إلى هذا الموضع فينظر في الموضع: فإذا كان الموضع يمكنه فيه الفرار، فهذا لا قصاص فيه ولا قود في مذهب طائفة، كما يختاره أئمة الشافعية.
لكن بعض العلماء -كما هو في مذهب الحنابلة- يفصلون، ففي بعض الأحيان إذا كان مثل الصبي هذا يندهش ولا يحسن النظر لنفسه، فمسألة التفصيل في قتل الحية بين أن يكون الموضع يمكن فيه الفرار، يقولون: إن الحية تفر من الآدمي، فبعض العلماء يقول: إن القتل بها ليس بقتل عمد، كما لو جمع بينه وبين حية في مكان، فقالوا: لو قتلته فليس بقتل عمد؛ لأن الحية تفر من الآدمي، وإذا رآها فر منها، وإذا فر منها تشجعت، حتى إنهم يقولون: إن السبع يتشجع حينما يرى الشخص يفر، ولذلك إذا ثبت ووقف فإنه لا يصاب بأذى، وأما إذا كان الفرار ممكناً فلا إشكال، لكن المشكلة أنه في بعض الأحيان يكون عاجزاً، كأن تكون الأرض أرض طين ووحل، فالفرار لا يفيد، فالأفضل أنه يقف، وهو سيقع سيقع، فالأفضل أن يكون مقبلاً غير مدبر.
وعلى كل حال: في هذه المسألة إذا كان قد غرر بالطفل فهذا قتل تغرير، وقتل التغرير إذا قال: قصدت قتله، فهذا شيء، وإذا قال: ما علمت أنه يقتل، فإنه يكون نوعاً من الإهمال، وبعض العلماء يوجب فيه الدية؛ لأنه عرضه إلى القتل بسببية قوية التأثير في زهوق الروح، والله تعالى أعلم.