[حالات وقوع الطلاق عند تعليقه بالخروج بغير إذن]
إذا خرجت حُكم بطلاقها، إلا إذا قيد فقال: إن خرجت بدون إذني فأنت طالق، فخرجت بدون إذنه نقول: تطلق؛ لأنه إما أن يطلق فيقول: إن خرجت فأنت طالق، وإما أن يقيد فيقول: إن خرجت اليوم، فهذا مقيد بزمان، أو إن خرجت بإذني، فهذا مقيد بصفة، فقوله: إن خرجت بدون إذني فأنت طالق، معناه: إن خرجت بالإذن فلا طلاق.
(إذا قال: إن خرجت بغير إذني).
رتب الطلاق على الصفة، وهي: أن لا يوجد الإذن.
(أو إلا بإذني).
إن خرجت إلا بإذني فأنت طالق؛ فما بعد (إلا) يخالف ما قبلها في الحكم، فهو يقول لها: أنت طالق إن خرجت إلا أن تخرجي بإذني، هذا أصل التقدير، فمعنى ذلك: أنها إذا استأذنت لا تطلق، فقوله: إن خرجت بغير إذني أو: إن خرجت إلا بإذني، المعنى واحد، وهو انتفاء الإذن.
(أو حتى آذن لك) إذا قال لها: حتى آذن لك فمعناه: أنك ممنوعة من الخروج إلا أن آذن لك وإلا تكوني طالقاً إن خرجت بدون إذني، أي: إن خرجت فأنت طالق حتى آذن لك؛ هذا التقدير، واللفظة الأخيرة: إن خرجت فأنت طالق حتى آذن لك، يعني: حتى آذن لك بالخروج.
(أو إن خرجت إلى غير الحمام بغير إذني فأنت طالق).
(إن خرجت إلى غير الحمام) في هذه الحالة تصبح إما أن يقصد أن خروجها إلى الحمام موجب للطلاق، أو يقصد أنها إن خرجت إلى أي شيء طالق إلا أن تخرج إلى الحمام فلا طلاق، فيقول: إن خرجت إلى الحمام فأنت طالق، فالمعنى: أنها لو خرجت لشراء حوائجها أو لصلة رحمها أو لبر والديها لا تطلق؛ لأنه قيد طلاقها بالخروج إلى الحمام.
وإن قال لها: إن خرجت لغير الحمام فأنت طالق، معناه: أنها إذا خرجت إلى الحمام لا تطلق، وإن خرجت إلى صلة رحمها أو بر والديها أو غير ذلك حُكم بطلاقها، وهذا كله ترويض للأفهام لفهم الألفاظ التي يذكرها الناس، والمعنى: أنه يرتب طلاقها ويعلقه على شيء لم يأذن لها به.
(فخرجت مرة بإذنه).
إن قال لها: إن خرجت بغير إذني فأنت طالق، فقالت له: يا أبا فلان أريد أن أذهب إلى أبي، قال لها: اذهبي، هذه المرة الأولى، ثم خرجت المرة الثانية بدون إذن، فإن الطلاق يقع بالمرة الثانية لا بالأولى.
(ثم خرجت بغير إذنه) خرجت في الأولى بإذنه وخرجت في الثانية بدون إذنه.
(أو أذن لها ولم تعلم) يقول لها: إن خرجت بغير إذني فأنت طالق، ثم جلس مع أصحابه أو جلس مع والديها، فندم، وقال: أذنت لها، ولكنها لم تعلم، فخرجت بدون إذنه، فهنا نعلم أنه في الأصل ترتب الطلاق على الخروج بدون إذن، ومعنى نشوز المرأة وخروجها من بيت الزوجية بدون إذن موجود، حتى ولو أذن لها، مثلاً: وقع الإذن الساعة الثانية ظهراً، ووقع خروجها الساعة الثالثة عصراً، ولم تعلم بإذن الزوج، فحينئذٍ المعنى الذي يقصده من نشوزها عليه وعصيانها لأمره قد تحقق، وكونه أذن بدون علمها لا يؤثر، ولذلك يحكم بطلاقها.
(أو خرجت تريد الحمام وغيره) قال لها: إن خرجت إلى الحمام فأنت طالق، فخرجت إلى الحمام والبقالة، فإنها تطلق.
وقد كانت هناك حمامات خاصة بالنساء كانت في القديم؛ لأن البيوت كان يصعب فيها وجود الماء، فكان من الصعوبة أن المرأة تتنظف في بيتها، فكان هناك نوع من الحمامات للرجال وللنساء، وهو مكان للتنظيف بالبخار، وهو موجود إلى الآن في بعض المناطق الإسلامية، وكان موجوداً في المدينة إلى عهد قريب.
فإن قال لها: إن خرجت إلى الحمام فأنت طالق، فقالت: أريد أن أخرج إلى الحمام وإلى البقالة، فأشتري ما أريد، فوقع خروجها لأمرين، الحمام الذي منعت منه، والبقالة التي لم تمنع منها، ففي هذه الحالة يرد
السؤال
- والعلماء يقصدون الصور والمعاني والضوابط أكثر مما يقصدون اللفظ نفسه والاسم نفسه- هل إذا جمعت بين المحظور وغيره، وبين المأذون به وغير المأذون به، هل يكون الحكم كما لو انفردت بمحظور غير مأذون به؟
الجواب
نعم، سواءً خرجت إلى الحمام قصداً أو خرجت إلى الحمام مع غيره، وعلى هذا: يحكم بطلاقها؛ لأن الصفة -وهي خروجها إلى الحمام- قد تحققت بذهابها إليه، سواء ذهبت إلى غيره أو لم تذهب، وسواء ذهبت إلى غيره قبل، أو ذهبت إلى غيره بعد، فالصفة المعتبرة للحكم بالطلاق موجودة ... ) أو عدلت منه إلى غيره طلقت في الكل) خرجت إلى الحمام ثم عدلت أثناء الطريق إلى غيره، فالأمر الذي من أجله تركبت الصيغة -وهو نشوزها وخروجها من البيت- تحقق، فهي إذا خرجت إلى الحمام فبمجرد ما تخطو خطوةً واحدة من البيت خارجة إلى الحمام فقد تحقق خروجها، بخلاف ما إذا قال لها: إذا دخلت الحمام -لا حظ الفرق، وهذا هو الذي يقصده الفقهاء بهذه العبارات، الدقة في الحكم على الشيء- لو قال لها: إذا دخلت الحمام بغير إذني فأنت طالق، وخرجت تريد دخول الحمام، لكنها في الطريق عدلت، لم تطلق؛ لأنه ركب الشيء على وجود شيء معين وهو صفة الدخول، لكن إذا قال لها: إن خرجت إلى الحمام من غير إذني، فننظر أول خروجها من البيت لما خطت الخطوة الأولى خارج البيت فإنها قصدت أن تخرج إلى الحمام بدون إذنه فيحكم بطلاقها.