للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[حق تسمية المولود]

السؤال

هل تسمية المولود حق للأب أم للأم أم للكل؟

الجواب

أما لو كان للكل فهذه مشكلة ومصيبة، ففي بعض الأحيان قد يسمى المولود باسمين، اسم داخل البيت واسم خارجه، فإن اشتجروا فيجعلون اسم الأم في البيت، واسم الأب خارج البيت، وهذا يقع في بعض الأعراف، فيجعلون اسم اللطف في داخل البيت خاص بالابن، ثم يكون له اسم في الخارج أمام الناس، هذا إذا كان قد حصل شيء من سوء التفاهم بين الزوج والزوجة.

لكن الأصل أن المرأة تتأدب مع زوجها، وقد كان النساء يحسن الأدب مع الأزواج، وكان الرجل يشعر بقيوميته، والمرأة بلينها وحنانها وعطفها تشمل الرجل، ولم يعرف الاسترجال في النساء إلا من قريب حينما لقن بنات المسلمين أن تقف المرأة في وجه أبيها، فتراجعه في نكاحها، وتستطيل عليه في رأيها، وقد يسمون هذا من حقوق المرأة، وهذا فيه جر ويلات عظيمة، ولربما حصل الطلاق وتشتت الأسر بتعليم البنات الاسترجال، وحقوق المرأة المرأة لها حق لكن في داخل الإطار الشرعي، لذلك تقول المرأة الحكيمة لبنتها: كوني له أمة يكن لك عبداً.

أي: أنك إذا أحسنت اللطف مع زوجك، وأصبحت كما أنت بفطرتك وجبلتك من اللين والرقة والأنوثة الكاملة الفاضلة المبنية على الحياء والخجل والاحتواء للرجل؛ فإن الرجل يشعر بكونه رجلاً، ويشعر أنه قائم على البيت، ولذلك فإن المرأة التي تسترجل على زوجها وتغالطه في الأمور، وتكثر التعنت عليه في المسائل، تأتي في زمان وتعض على أصابع الندم حين لا ينفعها الندم، وتتألم حين لا ينفعها الألم؛ ولذلك فإن المرأة لا يصلحها إلا كمال الحياء والخجل.

وقد كانت النساء يوم كانت البيئات المسلمة محافظة بعيدة عن هذا الدخَل كانت المرأة ربما بلغت سن الخامسة عشرة فتتزوج ولا تعترض أبداً، ولا تفتح لها فماً على أبيها، وتزوج الرجل ابن أربعين سنة ولا تعترض على أبيها، ويجعل الله لها من الخير والبركة وحسن الذرية، وحسن العاقبة، فيجد ذلك الرجل كبير السن فيها خيراً عظيماً، وهذا -طبعاً- إذا أعطاها حقها، وأقام ببيته كما ينبغي، ونحن لا نقول هذا الكلام ويفهم منه ظلم النساء، وإنما نقول: في الحدود الشرعية، ونحكي شيئاً وقع وجرى، وكنا نألفه إلى عهد قريب؛ فما كانت المرأة تراجع أباها ولا تقف في وجهه، أما اليوم فإنها قد تقول له: أنت تتدخل في مستقبلي، وتدمر حياتي، وأنت وأنت.

فتضيق عليه، وتؤذيه وتعنته، حتى ينزع الله البركة منها في أي زواج بعد ذلك، ولذلك تتدمر البيوت، وتتشتت الأسر باسترجال النساء، والمرأة الحكيمة العاقلة الفاضلة عندما تشعر بأنوثتها وبقوة الرجل، تحاول بحكمتها وعقلها وبما وضع الله فيها من البصيرة أن تكون المرأة الحكيمة التي تحسن التدخل في الأمور حيث يصلح التدخل، فتستقيم أمور البيوت، وقد ثبت في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لعن المسترجلات، قال بعض العلماء: ومن الاسترجال كون المرأة تعنت الرجل وتقف معه في كل صغير وكبير، حتى إن بعض النساء يسألن أزواجهن عن كل دقيقة خارج البيت؛ بل بعضهن يتدخلن حتى في الأمور الخاصة التي تكون بين الرجال بعضهم مع بعض، وتبدي رأيها في هذه الأمور، وهذا كله استرجال وخروج بالمرأة عن المنهج السوي الكامل.

إذاً: متى يختلف الرجل والمرأة؟ يختلفون حينما لا تدري المرأة أين تضع لسانها، فتتدخل في الأمور، وتحاول أن تكون هي سيدة البيت، والقائمة عليه، وكذلك إذا أساء الرجل إلى المرأة، فأصبح يتدخل في أمورها، ويؤذيها ويضطهدها ويظلمها، فإن هذا ينشأ عنه أذية لها، فينبغي العدل والقسط الذي أمر الله عز وجل به.

فإذا أراد الرجل أن يسمي ابنته رجع إلى زوجته وشاورها، وأدخل السرور عليها؛ وإذا كان الخلاف على شيء يسير تافه فيحتمل طيب خاطر زوجته، ويجعلها هي التي تسمي ابنته ويكرمها ويتم لها فرحتها، ويقدر منها أنها الوعاء الذي حمل، والثدي الذي سقى، والحجر الذي حوى، وأن منها العناء والمشقة، وبذلك يكون قد احتواها بحنانه ولطفه، وكان خير بعل لزوجته، وتذكر وصية النبي صلى الله عليه وسلم: (خيركم خيركم لأهله)، فالأمور لا تستقيم إلا بالعدل الذي أمر الله به، فالرجل يبذل الحنان واللطف، والمرأة أيضاً تبدي من جانبها الضعف والانكسار أمام الرجل، أما أن تتعنت وتصبح واقفة في وجه زوجها حتى في الأسماء، فلا، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (فسميته باسم أبي إبراهيم)، فلم يشاور نساءه، ولم يأت إلى مارية ويقول لها: ماذا نسميه؟ مع أنها أمه.

فهذا يدل على أن للرجال حقاً، وأن المرأة ينبغي أن تعرف أين مكانها، وإذا استقامت النساء على هذا الأساس واستقام الرجال على العطف والإحسان والإكرام للنساء والقيام بحقوقهن؛ فستستقيم بيوت المسلمين، أما إذا أصبحت المرأة تسترجل، وتدعي أن لها الحق في كل صغير وكبير حتى في الأسماء، وربما عيرت الرجل أمام أولاده وقرابته، فإن هذا لا ينبغي.

فنسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يعيذنا من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يصلح أحوالنا إنه ولي ذلك والقادر عليه، والله تعالى أعلم.

<<  <  ج:
ص:  >  >>