يقول المصنف رحمه الله:[الخامسة: من ارتفع حيضها ولم تدر سببه].
المرأة إذا ارتفع حيضها تنقسم إلى قسمين: الأول: إما أن تعلم السبب: كالرضاع، أو مرض معين إذا أصاب النساء ارتفع حيضها.
الثاني: أن يكون ارتفاع حيضها بسبب لا تعرفه والأطباء لا يعرفونه.
فإن كان بسبب تعرفه فلها حكم، وإن كانت بسبب لا تعرفه فلها حكم، والمصنف رحمه الله فصل في الأمرين فقال:(ومن ارتفع حيضها ولم تدر سببه فعدتها سنة).
صورة المسألة: امرأة -في الأصل- تحيض، ثم انقطع عنها الحيض، فإذا انقطع عنها الحيض فتحتاج أول شيء أن تتأكد أن انقطاع الحيض ليس للحمل؛ لأنها إذا حملت -غالباً- انقطع حيضها، فإن تأكدت من أنها ليست بحامل، وأن انقطاع دمها ليس للحمل فتمكث مدة الحمل الغالبة، ومدة الحمل الغالبة تسعة أشهر، فإذا تحققنا بمضي التسعة أشهر أنها غير حامل فإنها تبدأ بالعدة، لأنها ليست من ذوات الحيض فتنتقل إلى عدة الأشهر، فتضيف ثلاثة أشهر إلى التسعة، فتصبح عدتها سنة كاملة، تسعة أشهر للاستبراء والتأكد من أنها غير حامل، وثلاثة أشهر عدة المطلقة إذا لم تكن من ذوات الحيض.
وهذا الحكم قضى به أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه بمحضر من المهاجرين وأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يعرف أن أحداً خالفه، ولم يعارض فيه أصلاً، بل إن الأصول تدل عليه؛ لأنه يحتمل أن تكون حاملاً، فتعتد عدة الحامل ثم بعد ذلك تعتد عدة الأشهر؛ لأنها ليست بحائل، فالمنتزع الذي انتزعه رضي الله عنه فقه صحيح من الأصول الشرعية؛ لأن الله يقول:{وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا}[الأحقاف:١٥] فالستة الأشهر أقل ما يكون من الحمل، فإذا ثبت هذا يقولون: نأخذ الحد الغالب وهو التسعة الأشهر؛ لأن الستة هي الحد الأقل، والغالب هو التسعة، والأكثر إلى أربع سنوات مثلما ذكرنا، فيؤخذ بالغالب وهو التسعة الأشهر، فنقول لها: تمكث غالب مدة الحمل وهو تسعة أشهر حتى نتحقق أنها غير حامل، ثم بعد ذلك تعتد بعدة الأشهر، هذا بالنسبة لقضاء عمر رضي الله عنه وقد عمل به الجمهور.