قال المصنف:[ولكل واحدٍ من الزوجين غُسل صاحبه] أي: من حقه أن يلي تغسيل صاحبه، حتى قال بعض العلماء: الزوج يقدم على جميع الأقرباء، والزوجة تقدم على جميع الأقرباء.
أما كون المرأة تلي تغسيل الرجل فهذا يكاد يكون كالقول الواحد عند العلماء رحمة الله عليهم.
وأما هل الرجل يُغسّل المرأة؟ فللعلماء قولان: الجمهور يرون أن للرجل أن يلي تغسيل امرأته، ولا حرج عليه في ذلك، وعصمة الزوجية باقٍ حكمها، ولا تنفسخ بالموت.
الحنفية رحمة الله عليهم لا يرون أن للرجل أن يغسل زوجته، ويرون أنه بمجرد أن تموت يحل له نكاح أختها، وكذلك أيضاً يحل له نكاحُ بديلٍ عنها إذا كانت هي الرابعة، قالوا: فحينئذٍ لا يلي تغسيلها؛ كأن العصمة شبه زائلة بالموت.
والصحيح: ما ذهب إليه الجمهور؛ فإن حديث ابن ماجة عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال لـ عائشة:(لو أنك متّ فغسلتك وكفنتك وصليت عليك ثم دفنتك) وهذا حديث حسنه غير واحدٍ من أهل العلم رحمة الله عليهم، وهو يدل على أن للرجلِ أن يلي تغسيل امرأته.
كذلك أيضاً فعل السلف الذي صار كالإجماع بين الصحابة؛ وذلك أن علياً رضي الله عنه تولى تغسيل زوجته فاطمة رضي الله عنها، ولم ينكر أحدٌ من الصحابة رضوان الله عليهم ذلك، فصار كالإجماع السكوتي، ومن هنا قالوا: إن تغسيل الرجل لزوجته يعتبر مشروعاً، وهذا هو الصحيح.
وقوله:[وكذا سيدٌ مع سريته]: أي: وكذا السيد مع سراريه، فالنساء اللواتي يتسرى بهن -وهن الإماء- من حقه أن يلي تغسيلهن؛ فإنه لا يزول ذلك بالموت، كما أن من حقه أن يلي تغسيل زوجته، وكذلك للأمة غسل سيدها.