قال رحمه الله تعالى:[وله منعها من الخروج من منزله] هذا حق من حقوق الرجل على امرأته أن لا تخرج من بيته إلا بإذنه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(لا تمنعوا إماء الله مساجد الله)، وقال كما في الصحيح:(إذا استأذنت أحدكم امرأتُه المسجد فليأذن لها) فقوله: (إذا استأذنت أحدكم امرأتُه المسجد) يدل على أنها لا تخرج إلا بإذن زوجها، فإذا كان الإذن للصلاة فمن بابٍ أولى غير الصلاة، فلا يجوز للمرأة أن تخرج من بيتها إلا إذا استأذنت بعلها وزوجها، فإن إذن لها خرجت، وإن لم يأذن لها فإنه يجب عليها أن تلزم بيتها بيت الزوجية، وأن لا تخرج منه، ونص على هذا جماهير العلماء رحمهم الله أنه لا يجوز خروج المرأة من بيتها إلا بإذن زوجها، وأما إذا خرجت بدون إذنه فقد عصت، ويعتبر خروجها من بيتها بدون إذن زوجها استرجالاً وخروجاً عن حق الطاعة، فهي بهذا مسترجلة على زوجها، خاصة إذا قالت له: لا سمع ولا طاعة، أو قالت: أنا حرة أفعل في نفسي ما أشاء، فإن قالت هذا، فإنها مسترجلة عليها لعنة الله ورسوله؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(لعن الله المسترجلات).
فمن الأخطاء التي يقع فيها بعض النسوة أصلحهن الله ما يقع منهن من مشابهة الكفار، ونساء الكفار، واسترجال النساء، ومحاولة المرأة أن تكون كالرجل سواءً بسواء، دون أن تشعر بحق قوامته عليها، فإن هذا كله مما يوجب سخط الله وغضبه، فينبغي على المرأة أن تخاف من الله عز وجل وأن تتقي الله عز وجل، وأن تعلم علم اليقين أنه لا يمكن أن تصلح الأمور إلا بفطرة الله التي فطر الناس عليها وجبلهم عليها، فالمرأة لا تستقيم حياتها إلا مع بعلها، إذا كانت تحته سامعة له ومطيعة، ولا يستقيم أمر المرأة مع الرجل إلا إذا اتقى أيضاً الرجل ربه، وأحس أنها أمانة في عنقه، ومسئولية يسأل عنها بين يدي الله ربه فليتقِ الله فيها، فإذا علم كل منهما حق الآخر وأداه استقامت الأمور.
أما أن تخرج المرأة عن طورها، وتحاول أن تشابه الرجال، ولا تعترف لزوجها بحق، أو تقول: ليس لك عليَّ أمر، فأنا أفعل بنفسي ما أشاء، وأنا حرة في نفسي، وهكذا تفعل مع إخوانها وأوليائها إذا كان لها أخ أكبر منها، أو كان لها أب، فكل ذلك من العصيان والتمرد، ومن الاسترجال نسأل الله السلامة والعافية.
فعلى المؤمنة أن تتقي الله عز وجل، وأن تحذر من مشابهة الكافرات والعاهرات والساقطات اللاتي لا حياء عندهن، وألا تجاريهن في الأخلاق الرديئة، فإن من أحب قوماً وصنع صنيعهم حشر معهم والعياذ بالله.
فأمور النساء لا تستقيم إلا بالقوامة، فإذا أحست المرأة بحق بعلها حفظت هذا الحق، فلا تخرج من البيت إلا بإذنه، وإذا شعر الرجل أن امرأته تحته، وأحس بهذا الحق الذي له عليها، فإنه سرعان ما يستجيب لكثير من الأمور، ويحصل شيء من الود والمحبة والألفة بين الزوجين، والعكس بالعكس، فإن الرجل متى ما شعر من المرأة أنها مستعلية عليه، فإنه سيتخذ أموراً قد تكون سبباً في هدم بيت الزوجية، فالواجب على المرأة أن تطيع زوجها، ولا تخرج من بيته إلا بإذنه، ويجب عليه أن يتقي الله في هذا الحق، فكما أن النساء مطالبات بحفظ حق القوامة وعدم الخروج من البيت إلا بإذن الرجل، كذلك ينبغي على الرجل أن لا يستغل ذلك، وأن يتقي الله في امرأته وزوجه، فلا يأمرها بعقوق الوالدين، فيمنعها عن والديها إذا كان هناك مناسبة، أو أمر موجب لزيارة الوالد أو الوالدة لمرض، أو حاجة، أو تحتاج أمها أن تراها، أو يحتاج أبوها أن يراها، وهو مريض، أو نزل به شيء، أو كانت هناك مناسبة جرى العرف أن تكون شاهدة فيها، فعليه أن يساعدها على ذلك، وأن يعينها على ذلك، وأن يهيئ لها من الأسباب ما تصل به الرحم وتبلها ببلالها.
فالمقصود: أنه لابد من التعاون من الطرفين، فالإسلام لم يعط الرجل حق القوامة بدون قيد، وإنما له حق القوامة مع تقوى الله عز وجل، ولذلك بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم هذا بقوله:(إذا استأذنت أحدَكم امرأتُه إلى المسجدَ فليأذن لها)، فنهى عن استغلال حق القوامة.
فلا ينبغي استغلال مثل هذه الحقوق، بل ينبغي العدل الذي أمر الله به وأمر به رسوله صلى الله عليه وسلم، وينبغي وضع الأمور في نصابها، وأن يعلم كلٌّ منهما أن الله سائله عن حق الآخر ضيَّع أو حفظ.