[حكم تساهل بعض طلاب العلم بالألفاظ التي يذكرها الفقهاء في باب الطلاق]
السؤال
يتساهل بعض طلاب العلم ببعض الألفاظ التي يذكرها الفقهاء رحمهم الله تعالى في أبواب الطلاق فما توجيهكم في هذا؟
الجواب
باسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على خير خلق الله وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد: فأخذ العبارات الغريبة من المتون الفقهية ومحاولة تطبيقها مثل ما ذكرنا في مسألة: شعرك طالق، فيأتي بزوجته وهو يعتقد أن الشعر في حكم المنفصل فيقول لها: شعرك طالق، ظفرك طالق ونحو ذلك، لا ينبغي لطالب العلم أن يفعله، وعلى المسلم أن يحمد الله على نعمة العلم، وأن يجعل العلم معيناً له على الورع والتزام الأصلح والأسلم، وعدم اتخاذ آيات الله هزواً، فهو ما دام أنه لا يريد طلاق زوجته فلا يتلفظ بالطلاق، ولا يشعر امرأته أنه يريد أن يطلقها أو يجري الطلاق على لسانه، فهذا مما يزيد المحبة والمودة، وأما لو قال هذه الألفاظ ولو كانت لا توقع الطلاق، فإنها تحرك الشياطين في القلوب، وتجعل باباً ينفذ منه الشيطان إلى قلب المرأة، ويوسوس لها بكراهية زوجها لها، وأنه قد يأتي اليوم الذي يطلقها فيه، فعلى المسلم أن يحمد الله على العافية، ومن عوفي فليحمد الله، وليكن طالب العلم دائماً في سمته ودلّه وحاله مع أهله على أتم الوجوه وأكملها من خوف الله ومراقبته والحرص على المعاشرة بالمعروف، والبعد عن مثل هذه الأمور، وعلى طلاب العلم أن يوصي بعضهم بعضاً بذلك، وأن يذكر بعضهم بعضاً بالله.
وقد جاءني ذات مرة طالب علم -وهذا من أغرب ما وجدت- من حملة كتاب الله عز وجل وكان يقرأ في تخصص القراءات، وكان معه زملاء، قال له أحدهم: أريد أن أسمع منك القلقلة في قولك: زوجتي طالق، فقال: زوجتي طالق، ثم وقع في أمره، هل وقع الطلاق أم لم يقع؟ فانظر إلى أي حد! إن القلقة مبحث متعلق بكتاب الله عز وجل وليس له علاقة بمثل هذه الأمور، وليس له مجال في مثل هذه المسائل، فأدخل علم كتاب الله عز وجل الذي فضله الله وشرفه على شيء لا تُحمد عقباه، وأدخل الضرر على أخيه المسلم، والله لو كانت أخته هي الزوجة ما قال له هذا القول؛ ولذلك ينبغي على المسلم أن يتقي الله، وواجب على طالب العلم أن يتقي الله في أخيه المسلم، وربما يلتزم الإنسان ولكن تبقى معه بعض أدران الجاهلية، فعلى المسلم أن يتقي الله، ودائماً الملتزم بحق وطالب العلم حينما يطلب العلم عليه ألا ينظر أن حمله الكتاب وحضوره إلى مجالس الطلب أن ذلك قد زكّاه، وأن ذلك قد أصلحه، ما لم يأخذ نفسه بزمام التقوى والورع ومراقبة الله عز وجل في قوله وفعله وكيف يعامل الناس.
فعلى هذا: ينبغي لطلاب العلم أن يبتعدوا عن مثل هذه الأمور، وينبغي أن تكون لهم من الهيبة والوقار والكف والانكفاف عن ذكر الطلاق ونحوه، وكل ما فيه أذية وضرر لإخوانه وأخواته، وعلى المسلم ألا يروع أخاه المسلم، فإن ترويع المسلم لا يجوز، وهو إذا قال هذا روع زوجته، ونسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يعصمنا من الزلل وأن يوفقنا في القول والعمل، والله تعالى أعلم.