للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[وصايا عامة لمن وفقه الله للحج وما يكون عليه بعد الحج]

السؤال

هل من كلمة أو وصية لما ينبغي أن يكون عليه الإنسان بعد حجه، أثابكم الله؟

الجواب

من وفقه الله للحج إلى بيت الله الحرام، فأول وصية له: أنه ينبغي عليه أن يحمد الله جل جلاله، وأن يشكره على فضله، يشكر نعمة الله التي أنعم بها عليه، ومنته التي أسدى إليه، ويقول: اللهم! لك الحمد ولك الشكر اخترتني من بين الملايين من الأمم، وحملتني على ما يسرت لي، وهديتني وأعنتني، وسلمت لي بدني وصحتي، ووفقتني إلى أداء هذه المناسك والشعائر لا أحصي ثناء عليك، ومن شكر الله زاده، ومن حمد الله فإن الله يحب أن يحمد ويحب أن يثنى عليه ويحب أن يمجد، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: (أهل الثناء والمجد) فيحمد الله عز وجل أولاً.

الوصية الثانية: من حج إلى بيت الله الحرام فإن الله عز وجل أكرمه ويسر له بالوقوف في هذه المشاعر والمناسك، فحط الآثام ومحيت عنه الخطايا، وتقرب إلى الله عز وجل بإراقة دمعة الندم، وأحس بالألم لما كان مما سلف من الذنوب والعصيان، فهجر هذه الذنوب وقلاها، وبكى بكاء الندم بين يدي الله مستغيثاً مستقيلاً تائباً راجياً رحمة الله جل جلاله، الله أعلم كم في هذه الرحاب من ذنوب غفرت، وخطايا محيت، وسيئات أقيل أصحابها، وعثرات أقال الله من تلبس بها، فهي منازل الكرم ومنازل الجود من الله جل جلاله سبحانه، له الحمد وله الفضل لا نحصي ثناء عليه، فإذا أحس المسلم أن الله أنعم عليه بهذه النعمة، فليكن أيضاً من شكره أن يحسن فيما بقي من عمره، وأن يكسر قلبه لله، وأن يسأل الله أن يحسن له الخاتمة، وأن يحسن له فيما بقي من الأجل، ويقول: يا رب! أسألك فيما بقي من عمري عملاً صالحاً يقربني إليك، فيرجع بقلب جديد وقالب جديد وعمل صالح رشيد.

الوصية الثالثة: عليه أن لا يفتخر وأن لا يرائي، وأن لا يدلي على الله بنعمته، بل عليه أن يقول: اللهم! إني أسألك القبول.

الوصية الخامسة: من دلائل قبول الحج أن يكون حال الإنسان بعد الحج أفضل من حاله قبل الحج، ولن يكون ذلك إلا بفعل فرائض الله، وترك حدود الله ومحارم الله، والخوف من عذاب الله ولقاء الله، نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يجعلنا ذلك الرجل، وعلى المسلم إذا رجع إلى أهله ورجع إلى وطنه وإلى بلده أن يرجع بعمل صالح جديد، وأن يحاول أن يغير من أخلاقه، فإن الإسلام أدبه وهذبه بهذه العبادة، فالذي حج إلى بيت الله الحرام، وامتنع من وطء ومباشرة زوجته -وهي حلال عليه- أيام الحج، حري به أن يتقي الفواحش ما ظهر منها وما بطن، والذي حج إلى بيت الله الحرام وعف عن الرفث والفسوق والجدال في الحج، حري به أن يرجع عفيفاً عن أعراض المسلمين، فلا يغتاب ولا يقع في النميمة ولا يؤذي المسلمين، يرجع بحال جديد ويصلح ما بينه وبين الله، وما بينه وبين عباد الله.

نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يجعل حجنا مبروراً، وسعينا مشكوراً، وذنبنا مغفوراً، وعملنا صالحاً متقبلاً مبروراً.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

<<  <  ج:
ص:  >  >>