يعني: لو أن البندقية ثارت من نفسها، فضربت فريسة، فهذا لا يؤثر ولا يعتد به، وإنما تكون ميتة.
ثم الخلاف: هل يشترط أن يعين الصيد أم لا يشترط؟ وفائدة الخلاف: لو أنه أرسلها على حمامة معينة، ثم طارت وجاءت حمامة أخرى، فإن قلنا: يشترط التعيين، فإنها تكون ميتة، وإن قلنا: لا يشترط التعيين حلت، والأقوى أنه لا يشترط التعيين، ويتخرج عليه أنه لو ذبح الشاتين بشاة واحدة، فإنه يصح، وهكذا يتفرع عليها مسألة الرصاص المنتشر؛ لأنه إذا أرسله على الصفة الشرعية بذكر اسم الله عز وجل صار مذكياً، يستوي أن يصيب ما عينه صيداً أو ما لم يعينه، ثم إنه من الصعوبة بمكان لو قلنا بالتعيين وجاء بقطيع من تيس الجبل، فصعب جداً أن يحدد واحداً، لا يمكن هذا، فأنت عندما ترى القطيع يفر ترمي مباشرة، وقد تصيب هذه أو هذه، فهل تظل تبحث عن واحدة معينة؟!! هذه مشكلة وحرج عظيم، لذلك لا يشترط التعيين، وهو الصحيح.
والسلاح الموجود الآن والذي ينتشر منه عدة طلقات إذا أصابت طلقة واحدة الفريسة فإنه يحل أكلها على الصحيح، وهو مذهب الجمهور رحمهم الله.
[فإن استرسل الكلب أو غيره بنفسه لم يبح إلا أن يزجره فيزيد في عدوه بطلبه، فيحل].
إذا استرسل الكلب وأنت جالس، سواء رأيت الصيد أو لم تر، فما شعرت إلا والكلب -أكرمكم الله- قد هاج على الصيد، فهذا له صورتان: الصورة الأولى: أن يشليه -يحرشه-، أي: فبعد أن رأيته مسرعاً زدت في تحريشه، فهذه فيها خلاف بين العلماء.
والصورة الثانية: أن تسكت.
فأما إذا سكت فإنه قد أمسك لنفسه فلا يحل الصيد؛ لأن الله يقول:{فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ}[المائدة:٤] أي: لكم، وإذا انبعث من نفسه فهو يريد الصيد لنفسه وليس لسيده، ولذلك قال:(إذا أرسلت كلبك) ومفهوم الصفة في قوله صلى الله عليه وسلم: (أرسلت) أنه لا يحل إذا لم يرسله، فالذي يترجح مذهب من قال: أنه يستوي إذا حرشه بعد انبعاثه أو لم يحرشه، فما دام أن الكلب بنفسه انبعث فإنه لا يحل أكل صيده، وهكذا لو أن الباز بنفسه انطلق دون أن يكون هو الذي أطلقه، ودون أن يكون هو الذي أرسله لم يحل الصيد.