هناك أمران في الستر: الأمر الأول: الستر في الجسد نفسه، بأن تبقي على جسده ما يستر عورته على التفصيل الذي ذكرناه.
والأمر الثاني: أن تهيئ موضعاً أبلغ في ستره وعدم تغسيله أمام الأعين؛ فإن ذلك أحفظ لحرمته وأرعى لها وأصون، وصورة ذلك: أن يختار الإنسان الغرف ونحوها، فلا يغسله في فناء واسع، وخاصةً إذا كان هناك أشخاص ينظرون إليه، أو فناء مكشوف تطل عليه البيوت الأخرى أو نحو ذلك، فهذا فيه حط من قدر الميت ومنقصة لمكانته، وحينئذٍ لا يفعل به ذلك.
ثم في الغرف نفسها: فأضيقها مقدّمٌ على أوسعها ما لم يكن في السعة ما يعين على تغسيله، أو تكون هناك حاجة لإخراجه إلى مكان أوسع لكي يكون الماء قريباً منك، أو كان في الموضع الذي فيه الماء ولا تستطيع أن تنقله إلى موضعٍ آخر، فحينئذٍ لا حرج أن تغسله في ذلك الموضع ولو كان واسعاً.
فتختار له الغرف الضيقة والمستورة من أعلاها، وهناك حديث تكلم العلماء في سنده، وهو: النهي عن تغسيل الميت في غرفةٍ ليس لها سطح، ولكنه ضعيف، والصحيح: أنه لا حرج أن يُغسل وهو إلى السماء، بمعنى أن يكون في غرفة أو فناء أو نحو ذلك، ولكنه خلاف الأولى.