للقاضي أن يجلس في أي مكان، لكن ينبغي أن يراعي فيه الرفق بالناس، لئلا يكون فيه تعنيت للخصوم والشهود بالذهاب إليه في أماكن بعيدة، ولذلك اختاروا وسط المدينة ما أمكن، واختلفوا هل يقضي في المسجد أو لا؟ الجمهور على جواز ذلك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قضى فيه، ولأن الخلفاء الراشدين من بعده كذلك، واستحب بعض العلماء من الجمهور القضاء في المسجد، ولكن الصحيح أنه يجوز أن يجلس حيث أمكنه، ومن هنا قال بعض العلماء: وحيث لاق للقضاء يقعد وفي البلاد يستحب المسجد وحيث لاق للقضاء يقعد يعني: حيث كان المكان لائقاً يجلس، حتى لو في السوق، بلغ ببعض أئمة السلف رحمهم الله أنه إذا جاءه خضمان يقول: لا يحل لي أن تجاوز قدمي قدميهما حتى أفصل بينهما.
أي: لا يجوز أن أفارقهما ولا أن أؤخرهما فلربما جاءوه وهو في السوق، فينتحي ناحية من السوق ويسمع من الخصمين ويقضي بينهما، وهذا مما وضع له من البركة.
وفي البلاد يستحب المسجد فيجوز أن يكون القضاء في المسجد.
وقوله:[فسيحاً] أي: أن يكون المكان فسيحاً لكن في المسجد اشترط بعض العلماء: أن لا يؤذي الناس والمصلين، فإذا كان ذلك يشوش عليهم، وحصلت المفاسد فالمصلحة أن يصرفه عنهم.