[قول:(سمع الله لمن حمده) للإمام والمنفرد حال القيام من الركوع]
قال رحمه الله تعالى:[ثم يرفع رأسه ويديه قائلاً إمام ومنفرد: سمع الله لمن حمده].
قوله:(قائلاً) أي: حال كونه قائلاً، (إمام ومنفرد) أي: يقول الإمام والمنفرد: (سمع الله لمن حمده) ولا يقول المأموم: (سمع الله لمن حمده)، وهذا مذهب جمهور العلماء من المالكية والشافعية والحنابلة والظاهرية رحمةُ الله على الجميع، فالإمام والمنفرد يقولان:(سمع الله لمن حمده)، والمأموم لا يقول:(سمع الله لمن حمده)، وإنما يقتصر على قوله:(ربنا ولك الحمد) أو: (ربنا لك الحمد)، ولا يزيد التسميع.
وذهب الإمام أبو حنيفة رحمة الله عليه إلى أنه يقول المأموم:(سمع الله لمن حمده)؛ لقوله عليه الصلاة والسلام:(إنما جُعِل الإمام ليؤتم به).
والصحيح مذهب الجمهور؛ لأن التقسيم ينفي التشريك، وهذه قاعدة، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(إذا أمن فأمنوا)، فدل على أنه في الأصل لا يؤمنون مع الإمام حتى يؤمروا بالتشريك، فلما قال:(إذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا:) دل على التقسيم، والتقسيم خلاف التشريك، وإنما قالوا بالتشريك لحديث:(إنما جُعِل الإمام ليؤتم به)، فنقول: هذا مطلق وهذا مقيد، والقاعدة أن المقيد مقدمٌ على المطلق، والأصل: حمل المطلق على المقيد، فنقول: إن قوله عليه الصلاة والسلام: (إنما جُعِل الإمام ليؤتم به) فيه إجمال، وإن كان الأمر فيه من حيث العموم، لكن نقول: جاء المفصل، فقال عليه الصلاة والسلام:(فإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا لك الحمد)، قالوا: هذا يدل على أنه لا يجمع المأموم بين قوله: (سمع الله لمن حمده) وقوله: (ربنا ولك الحمد).
فأصح الأقوال أنه لا يجمع بينها بالنسبة للمأموم، فمحل الخلاف في المأموم، أما الإمام والمنفرد فشبه إجماع من أهل السنة أنه يقول:(سمع الله لمن حمده).