أما دليل الكتاب فقد قال تعالى حكاية عن إخوة يوسف:{قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا}[يوسف:١٧].
فقولهم:{إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ}[يوسف:١٧]: أي: نتسابق، وهذا شرع من قبلنا، وشرع من قبلنا شرع لنا، ما لم يرد شرعنا بخلافه، ولم يرد شرعنا بخلاف ذلك، بل جاء بمشروعيته.
فإن النبي صلى الله عليه وسلم أثبت مشروعية السبق بالقول وبالفعل، والسبق بإسكان الباء: المسابقة، والسبق بالفتح: العوض المدفوع في المسابقة.
فالسبق ثبت بفعله عليه الصلاة والسلام، وبقوله: أما بفعله: فقد صارع عليه الصلاة والسلام ركانة، وسابق أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها حين خرج معها إلى مسجد قباء، وكان إذا خرج معها يسابقها عليه الصلاة والسلام في الطريق، فكان يسبقها، فلما كبر عليه الصلاة والسلام سبقته رضي الله عنها، قالت:(فلما أخذه اللحم سبقته) فقال عليه الصلاة والسلام: (هذه بتلك) صلوات الله وسلامه عليه.
وكذلك أيضاً ثبت أنه أقر صحابته وسابق بينهم، فقد سابق بين الخيول، وسابق بين الرجال، وسابق بين سلمة بن الأكوع وبعض الصحابة رضوان الله عليهم، وسابق أيضاً بين الخيل المضمرة وغير المضمرة، فسابق بين الخيل المضمرة من الحفياء إلى ثنية الوداع، وذلك ما يقرب من ستة أميال إلى سبعة أميال.
والخيل المضمرة: هي الخيل التي تسقى وتعلف، ثم يمسك عنها العلف حتى تضمر، وتكون أسبق وأخف في العدو وفي السرعة.
وسابق عليه الصلاة والسلام بين الخيول، وشجع أصحابه رضوان الله عليهم على هذه الفروسية لِما فيها من معاني الجهاد والقوة على الجهاد في سبيل الله.
وكذلك أجمع العلماء رحمهم الله على مشروعية السباق من حيث الجملة، وأنه لا بأس بالمسابقة على التفصيل الذي سنذكره إن شاء الله تعالى.