هذا من دقة المصنف رحمه الله: فإنه فرع الأحكام في لزوم عقد الإجارة على المؤجر وعلى المستأجر.
قد يقع الامتناع ويقع النقض للعهد والعقد المتفق عليه بين الطرفين من الشخص المستأجر، فلو أن رجلاً جاء واستأجر بيتك، وقال: أجرني بيتك هذا بعشرة آلاف في شهر رمضان.
فقلت له: قبلت.
وتم العقد بين الطرفين على أنه يستأجر شهر رمضان بعشرة آلاف، فامتنع من سكنى البيت، قال: العقد الذي بيني وبينك لاغ.
حتى مضى شهر رمضان كاملاً وقد سلمته المفاتيح ومكنته، أو مكنته من تسلمها، وقلت له: العقد الذي بيني وبينك كما هو، وهذا بيتك في شهر رمضان، تريد تأتي فهذا حقك، وتريد تتخلف فإن البيت باسمك ولا أؤجره لأحد، ولست بمسئول عنه؛ لأنني بعت منفعته ولا آخذ حق الغير.
فبقيت على التزامك.
إن كان هذا الشخص الآخر امتنع بالكلية وقد مكنته فإنه يلزم بدفع الأجرة كاملة؛ لأن الله فرض عليه العقد، وأنت قد مكنته من حقه، فتستحق الأجرة كاملة، وهو الذي أدخل الضرر على نفسه بامتناعه من الإجارة، وهو الذي فوت على نفسه مصلحة الارتفاق بهذه العين المؤجرة، فعليه أن يتحمل مسئولية نفسه.
أما لو أنه أثناء العقد استأجر شهر رمضان، فامتنع من أول الشهر وجاء في نصفه الثاني، أو العكس: سكن أول رمضان -النصف الأول- ثم جاء في النصف وقال: ما أريد بقية الشهر.
وليس ثم عيب يوجب الفسخ، وليس هناك أمر يستحق به ما قاله، ففي هذه الحالة نقول: أنت ملزم بالعقد على مدته التامة الكاملة، وليس من حقك الفسخ؛ فإن بدأ فيدفع الأجرة كاملة.